العنف في باليمينا: استغلال قضية النساء لتبرير عنصرية ضد المهاجرين
ما يحدث في أيرلندا الشمالية ليس دفاعًا عن النساء، بل كراهية منظّمة ضد "الآخر".

في مدينة باليمينا بأيرلندا الشمالية، اندلعت أعمال عنف قيل إنها لحماية النساء من المهاجرين، لكن السياق التاريخي والاجتماعي يُظهر أن ما يحدث ليس دفاعًا عن النساء بقدر ما هو امتداد لعنصرية متجذّرة تستغل الغضب الشعبي وتُلبسه قناع “الغيرة الأخلاقية”.
جريمة قديمة تفضح جذور الكراهية
في عام 1972، تعرضت امرأة كاثوليكية تُدعى سارة ماكليناجان لاعتداء وحشي من قبل جماعات موالية، بسبب ديانتها فقط. لم يكن المهاجرون جزءًا من تلك الجريمة، بل كانت نتيجة صراعات داخلية محلية. هذه الحادثة التاريخية تكشف أن العنف لم يكن يومًا عن “الآخر” بل عن خطاب الكراهية ذاته.
ادعاء الحماية يتحول إلى عداء ضد الأجانب
أعمال الشغب الأخيرة اندلعت بعد توقيف شابين بتهمة محاولة اغتصاب، وتزامن ذلك مع وجود مترجمين رومانيين، مما أثار موجة من الكراهية ضد الجالية الرومانية. المظاهرات خرجت من سياق التضامن مع الضحية وتحولت إلى فوضى تقودها مجموعات لديها تاريخ في حماية المعتدين الجنسيين، لا محاسبتهم.
اليمين المتطرف يشعل النيران باسم “القيم”
استغل اليمين المتطرف الحادثة لتأجيج المشاعر العنصرية، حيث بدأت صفحات فيسبوك تنشر مواقع منازل المهاجرين، خاصة من طائفة الروما، مروجين لفكرة “الدفاع عن القيم المسيحية” في تكرار مقلق لأساليب البوغروم العنصرية المعروفة في أوروبا.
الواقع المؤلم: النساء في خطر دائم بغضّ النظر عن الجاني
أرقام العنف ضد النساء في أيرلندا الشمالية صادمة، حيث سُجلت أكثر من 4000 جريمة جنسية خلال عام واحد، وقُتلت 25 امرأة خلال خمس سنوات، غالبيتهن على يد رجال محليين. مأساة ناتالي ماكنالي، صديقة الكاتبة، مثال حي على أن الخطر يأتي من الداخل لا من الخارج.
تغذية الأساطير العنصرية عبر جرائم فردية
استخدام جريمة واحدة لتبرير شيطنة جماعة كاملة هو أمر خطير. القول إن “لدينا مجرمين محلّيين، فلا نحتاج إلى مزيد” يعكس منطقًا عنصريًا يرى في غير الأبيض تهديدًا دائمًا، متجاهلًا أن العنف ضد النساء مشكلة عالمية لا ترتبط بجنسية أو عرق.
الأزمة الحقيقية: فشل الدولة لا الهجرة
ارتفاع عدد المهاجرين ليس السبب في التدهور الخدمي الذي تعاني منه البلاد. الأزمة الصحية، وأزمة الإسكان، وتردي البنية التحتية، كلها ناتجة عن فشل مزمن في إدارة الدولة، لا عن توافد اللاجئين الذين يُحمّلون زورًا مسؤولية كل شيء.
عنصرية متأصلة تتطلب المواجهة لا التبرير
تسجل أيرلندا الشمالية أعلى معدلات جرائم الكراهية العنصرية في المملكة المتحدة، ما يدل على عمق المشكلة. اختزال هذه الوقائع في “قلق مشروع” يعطي غطاءً شرعيًا للكراهية، ويمنع المواجهة الحقيقية مع أسبابها الحقيقية.
النساء لا يردن عنفكم.. بل احترام كرامتهن
لو كانت نية المحتجين حقًا حماية النساء، لكان الأولى بهم التظاهر ضد القوانين الضعيفة أو تجاهل الحكومة لضحايا العنف. لكن الواقع أن من يشعلون الحرائق لا يفعلون ذلك من أجل النساء، بل من أجل بث الخوف والكراهية باسم “الغيرة الزائفة”.
لا تتحدثوا باسمنا: كراهيتكم ليست حماية
النساء لا يحتجن إلى “رجال غاضبين” يختبئون خلف شعارات الحماية. ما يحدث في باليمينا ليس ثورة من أجل العدالة، بل عرض دموي جديد لعنصرية قديمة ترتدي قناع الفضيلة.