حوادث وقضايا

الذعر في الصين من تدابير مكافحه فيروس شيكونغونيا: هل تعود سياسات صفر كوفيد تحت ستار جديد ؟

الذعر في الصين: تدابير مكافحة فيروس شيكونغونيا تثير مخاوف من العودة إلى سياسات 'صفر كوفيد

تتزايد المخاوف في الصين من أن جهود السلطات لمكافحة انتشار فيروس شيكونغونيا—وهو مرض فيروسي تنقله البعوضة ولا يُعد مميتًا—قد بدأت تنتهك بشكل فاضح حقوق الأفراد، وتستعيد ممارسات الرقابة المشددة التي طبقت خلال ذروة جائحة كوفيد-19. الحادثة التي أشعلت هذه الموجة من الغضب وقعت في مدينة زهانجيانغ، حينما دخلت مجموعة من الأشخاص، بينهم شرطي بزي رسمي، غرفة نوم طفلين لأخذ عينات دم منهما في منتصف الليل دون إذن أو حضور والدتهما، التي كانت تعمل في مناوبة ليلية.

حملة إلكترونية غاضبة ومخاوف من العودة إلى القمع الصحي

الواقعة انتشرت بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتخطى الوسم المرتبط بها 90 مليون مشاهدة على منصة ويبو، مع تعليقات مستنكرة من المواطنين الذين رأوا في هذا التصرف انتهاكًا لحرمة المنازل وتجاوزًا للخصوصية الأسرية. المثير في الأمر أن الصيدلية المحلية هي من أبلغت السلطات الصحية عن الأسرة، بعد أن لاحظت إصابة الطفل بحمى، وهو ما يعكس حجم المراقبة الدقيقة المفروضة حاليًا على سلوك المرضى.

انتشار المرض وخطة استجابة على النمط العسكري

تشهد مقاطعة غوانغدونغ الواقعة في جنوب البلاد منذ نحو شهر تفشيًا متسارعًا للفيروس، بدأ في مدينة فوشان، وبلغ حتى الآن نحو 8000 إصابة مؤكدة، مع تسجيل حالة واحدة مستوردة في هونغ كونغ. ومع أن فيروس شيكونغونيا نادرًا ما يكون قاتلًا، إلا أن أعراضه المؤلمة تشمل الحمى والآلام العضلية والمفصلية والطفح الجلدي، وقد تمتد معاناة المريض لشهور. الفئات الأكثر تضررًا تشمل الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.

عودة “آلة الدولة” التي أُعدت خلال كوفيد-19

السلطات الصينية، التي لا تزال تحتفظ بجهاز بيروقراطي مدرب على السيطرة الفورية منذ سنوات “صفر كوفيد”، بدأت بالفعل في تطبيق إجراءات أشبه بحالة الطوارئ. ففي 2 أغسطس، أعلن وانغ ويجونغ، حاكم غوانغدونغ، “بدء معركة كبرى ضد فيروس شيكونغونيا”، وأمر بتنفيذ سلسلة من التدابير، من بينها تنظيف أماكن تكاثر البعوض، واستخدام الطائرات المسيرة لرش المبيدات، وتوزيع الناموسيات، وتشجيع المواطنين على التخلص من المياه الراكدة.

عودة سياسات التبليغ والمراقبة الصحية القسرية

في تصعيد مقلق، أعلنت السلطات في فوشان يوم 4 أغسطس أن جميع الصيدليات مُلزمة بالتبليغ عن بيع أدوية الحمى مثل الباراسيتامول، ما يشير إلى مراقبة صحية واسعة النطاق تشبه تلك التي كانت تُطبق خلال كوفيد-19. ومن خلال هذه السياسة، تم على ما يبدو تحديد الأطفال في حادثة زهانجيانغ، إذ كشفت وسائل الإعلام الصينية أن الاتصال بالأم لم يتم بنجاح، في حين تعهدت السلطات المحلية بفتح تحقيق بعد موجة الغضب.

المخاوف تتجاوز الفيروس نفسه

ورغم أن جهود القضاء على الفيروس ضرورية من منظور صحي، إلا أن الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذه الإجراءات تثير قلقًا واسعًا داخل الصين وخارجها، خصوصًا أنها تمثل إعادة لإجراءات رقابية خانقة اعتقد كثيرون أن البلاد قد تجاوزتها بعد الجائحة. فالتحركات الليلية للمسؤولين، وتفعيل آلية المراقبة الصيدلانية، واستخدام الطائرات المسيرة والفرق الأمنية، كلها تشير إلى أن الحكومة قد تكون مستعدة لاستنساخ نموذج صفر كوفيد متى شعرت بالتهديد، حتى لو لم يكن التهديد بحجم الجائحة السابقة.

 الصحة العامة أم دولة المراقبة؟

في الوقت الذي تسعى فيه الصين لحماية سكانها من تفشي الفيروس، تواجه الحكومة اتهامات متزايدة بتضييق الخناق على الحريات الفردية وفرض رقابة اجتماعية مفرطة. الأمر الذي يثير تساؤلات جوهرية: هل تتحول الصحة العامة في الصين إلى بوابة دائمة للرقابة والانتهاك؟ وهل يمكن السيطرة على الأمراض دون التضحية بحقوق الأفراد؟ الإجابات ستكون حاسمة في صياغة علاقة المواطن الصيني بدولته في المستقبل القريب.

اقرا ايضا

 مصر تستمر في دعم غزة: القافلة العاشره تعبر الحدود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى