ضربات ترامب لإيران… مغامرة عسكرية وتبعات سياسية معقدة

في تطور مفاجئ، نفّذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واحدة من أجرأ العمليات العسكرية في التاريخ الأمريكي الحديث، مستهدفًا منشآت نووية إيرانية، مستندًا إلى ضوء أخضر إسرائيلي وفرص استخباراتية نادرة. وبينما تروّج الإدارة للضربة كنجاح حاسم، يظل مستقبلها غامضًا على المستويات السياسية والاستراتيجية.
ضربة نوعية.. لكن ماذا دُمّر فعليًا؟
العملية التي نُفذت بطائرات شبح أمريكية، استهدفت 3 مواقع نووية إيرانية باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، دون تسجيل اعتراضات دفاعية. أعقب الضربة رد إيراني رمزي بصواريخ سقطت في محيط قاعدة أمريكية بقطر، في مشهد وُصف بأنه منسق لتجنّب التصعيد.
لكن التقارير الأولية تشير إلى أن البنية التحتية الرئيسية للمنشآت النووية لم تُدمّر بالكامل، مع فقدان كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب، مما يُبقي احتمال استئناف البرنامج الإيراني قائمًا بقوة
أهداف داخلية في سياق سياسي مضطرب
الضربات جاءت في توقيت حساس لترامب في ولايته الثانية، وسط استقطاب سياسي حاد. وعلى غرار رؤساء سابقين جنوا مكاسب شعبية من نجاحات عسكرية، راهن ترامب على تعزيز شعبيته.
لكن استطلاع رأي أجرته YouGov أظهر أن الانقسام السياسي كان حاسمًا:
70% من الجمهوريين دعموا الضربة
5% فقط من الديمقراطيين أبدوا تأييدًا لها
في مشهد يعكس أن القناعات السياسية باتت تُحدد المواقف أكثر من الحقائق الميدانية.
انقسامات داخل معسكر ترامب
رغم نجاح الضربة عسكريًا، إلا أن معارضة قوية صدرت من رموز داخل التيار المحافظ، أبرزهم تاكر كارلسون وستيف بانون، الذين رأوا في العملية تناقضًا مع مبدأ “أمريكا أولًا”.
كذلك أبدت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ونائب الرئيس جي. دي. فانس، تحفظات واضحة، إلا أن ترامب مضى في قراره، ما يعكس تراجع تأثير الجناح الانعزالي داخل الحزب الجمهوري.
الديمقراطيون: إشادة محدودة وانتقادات دستورية
بعض النواب الديمقراطيين اعترفوا بأن الضربة قلّصت خطر إيران النووي، لكنهم انتقدوا الرئيس على تجاوز الكونغرس، في مخالفة واضحة لقانون صلاحيات الحرب لعام 1973.
إلا أن التاريخ السياسي الأمريكي يزخر بسوابق مماثلة، حيث شنّ رؤساء ديمقراطيون وجمهوريون ضربات دون تفويض تشريعي، ما يكرّس تقليد “السلطة التنفيذية المتوسعة” في الشؤون العسكرية.
“عقيدة ترامب”: سياسة خارجية بلا بوصلة واضحة؟
تحركات ترامب في الشرق الأوسط تطرح سؤالًا محوريًا: هل يمتلك الرئيس بالفعل “عقيدة” خارجية؟
فبينما يُعارض التمويل العسكري لأوكرانيا، يُقدِم على استخدام القوة ضد إيران. هذا التناقض يجعل مراقبين يصِفونه بأنه لا يُقاد بخطة واضحة، بل بـ”حدس سياسي لحظي”.
أحد المحللين وصف نهج ترامب بأنه:
“لغز… لا يُفكك بالتنظير بل بالمراقبة الدقيقة لأفعاله، لا أقواله”.
رهان محفوف بالمخاطر: هل كان النصر خدعة؟
الضربة تبدو ظاهريًا نجاحًا تكتيكيًا، لكن التقييم الاستراتيجي يعتمد على رد فعل إيران خلال الأسابيع المقبلة.