مصر تواصل دعمها لغزة: مساعدات إنسانية وتحركات دبلوماسية لوقف العدوان
فتح معبر رفح واستقبال الجرحى.. مصر في قلب الأزمة الإنسانية بغزة

منذ اليوم الأول لاندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 8 أكتوبر 2023، تبنت الدولة المصرية موقفًا ثابتًا وعمليًا لمساندة الشعب الفلسطيني، انطلاقًا من مسؤولياتها التاريخية والإنسانية تجاه القضية الفلسطينية. وتحركت مصر على أكثر من صعيد لتخفيف المعاناة عن أبناء غزة، سواء من خلال إرسال المساعدات الإنسانية، أو استقبال الجرحى للعلاج، أو عبر التحرك الدبلوماسي والسياسي الدائم في المحافل الدولية.
فتح معبر رفح واستقبال الجرحى الفلسطينيين
بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم فتح معبر رفح البري على مدار الساعة منذ اندلاع الأزمة، بهدف إدخال المساعدات الغذائية والطبية والوقود، واستقبال الجرحى ومرافقيهم للعلاج في المستشفيات المصرية. وتجاوز عدد من استقبلتهم مصر للعلاج نحو 100 ألف جريح ومرافق، في خطوة لاقت إشادة واسعة من الشارع الفلسطيني، والفصائل الفلسطينية، والمنظمات الإغاثية.
هذا القرار عكس بوضوح أن مصر تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها الإنسانية والسياسية، وتؤمن بأن دعم الشعب الفلسطيني واجب قومي لا يخضع لأي حسابات سياسية ضيقة.
تحركات دبلوماسية مكثفة لوقف العدوان
على الصعيد الدبلوماسي، لم تدخر مصر جهدًا في سبيل الدفع نحو وقف شامل لإطلاق النار، والعمل على إيجاد مخرج سياسي دائم للأزمة. وتحركت القيادة المصرية عبر قنوات عربية وإقليمية ودولية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف عدوانه على المدنيين، وفتح المعابر، والسماح بدخول المساعدات.
كما أكدت القاهرة في أكثر من مناسبة على ضرورة إحياء مسار السلام، والعمل الجاد لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك الحل الجذري والوحيد لإنهاء الصراع.
مصر ترفض السيادة الإسرائيلية على معبر رفح
في مايو 2024، وعقب سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على البوابة الفلسطينية من معبر رفح، خرجت مصر بموقف حازم ورافض لهذه الخطوة التي اعتبرتها مساسًا بالسيادة الفلسطينية، وعرقلة متعمدة لتدفق المساعدات إلى القطاع. وقد دُمرت حينها العديد من الطرق والمنازل في مدينة رفح، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وشددت مصر على أن المعبر يجب أن يكون مصريًا فلسطينيًا خالصًا، وطالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من المعبر وإعادة تأهيله، إلا أن تعنت الاحتلال حال دون تحقيق ذلك. ومن هذا المنطلق، بدأت القاهرة البحث عن مسارات بديلة لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك تحويل جزء منها إلى معبر كرم أبو سالم.
ازدواجية مواقف حركة حماس تجاه معبر رفح
ورغم دعوات حركة حماس إلى فتح معبر رفح، إلا أن تلك الدعوات جاءت في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر، ما اعتبرته مصر نوعًا من الازدواجية في المواقف، وعدم تقدير لحساسية الوضع السياسي والأمني.
وفي هذا السياق، سبق أن أثنى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أسامة حمدان، في مايو 2024، على موقف مصر الرافض للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ودعا إلى عدم فتح معبر رفح في ظل وجود الاحتلال على الجانب الفلسطيني. إلا أن مواقف الحركة تغيرت لاحقًا، مطالبة بفتح المعبر ذاته، رغم استمرار الاحتلال، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى وضوح استراتيجية الحركة.
غياب الرؤية الاستراتيجية لدى حماس
المتابع لتصرفات حركة حماس خلال السنوات الأخيرة، يلاحظ غياب استراتيجية سياسية واضحة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، واعتماد الحركة على ردود أفعال آنية تخضع لحسابات داخلية وتنظيمية، بدلًا من التخطيط طويل المدى.
ورغم التصريحات المتكررة عن استعداد الحركة للتفاوض، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأرض فعليًا. بل بدا في كثير من الأحيان كأنه مناورة إعلامية لتخفيف الضغوط الشعبية، في وقت يعاني فيه المواطن الفلسطيني في غزة من أوضاع معيشية صعبة، ويطالب بهدنة إنسانية فورية.
وتصر قيادة حماس على التمسك بالسلطة داخل القطاع، وترفض تقديم أي تنازلات يمكن أن تُفضي إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار، وهو ما يعمق الانقسام الداخلي ويؤخر فرص الحل السلمي العادل الذي تطالب به مختلف القوى الفلسطينية والعربية.
موقف مصري ثابت يدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة
ورغم كل التحديات، تواصل مصر أداء دورها التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني، رافضة أي محاولات لفرض الأمر الواقع من قبل الاحتلال، ومتمسكة بحل الدولتين كخيار استراتيجي يعيد الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني.
وتؤكد مصر أن دعمها لغزة لا يعني القبول بأي أمر واقع يفرضه الاحتلال، بل هو تعبير عن موقف مبدئي ثابت، نابع من القناعة العميقة بعدالة القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.