تمثل منطقة قناة السويس الاقتصادية مركزًا استراتيجيًا لجذب الاستثمارات في قطاع السيارات ومكوّناتها، حيث تشهد اهتمامًا متزايدًا وصفقات نوعية تتعلق بتصنيع السيارات الكهربائية (EV) ومكوّناتها مثل الإطارات والطاقة الخضراء، و من أبرز الاتفاقيات الحديثة توقيع شركة Sailun الصينية لإنشاء مصنع بقيمة مليار دولار في العين السخنة ضمن ثلاث مراحل، مستهدفة المرحلة الأولى قبل 2026، يُضاف إلى ذلك لقاءات مع شركة BYD لبحث إمكانية إنشاء مصنع جديد.
أهمية توطين صناعة السيارات الكهربائية
في هذا السياق، أوضحت الدكتورة رشا السيد محمد السلاب، خبيرة الاقتصاد، أهمية توطين صناعة السيارات الكهربائية والتي تتضمّن عدة محاور رئيسية:
أولها: لإطار المؤسسي والتشريعي
تم إنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات بموجب قانون صدر واعتمده الرئيس في أكتوبر 2022، بهدف تطوير الصناعة محليًا عبر رفع نسب التصنيع المحلي وجذب الاستثمارات المركزة على المركبات النظيفة، كما أطلقت الحكومة “استراتيجية تنمية صناعة السيارات” (AIDP) التي توفر منظومة متكاملة من الحوافز لتحفيز التصنيع المحلي، مع التركيز على المركبات الكهربائية عبر دعم استثنائي مرتبط بحجم الإنتاج ونِسب القيمة المضافة، إلى جانب ذلك، تم تأسيس صندوق تمويل صناعة السيارات الصديقة للبيئة لدعم المركبات عديمة الانبعاثات.
الحوافز والسياسات لتشجيع الـEV
تُقدّم برامج AIDP حوافز متعلقة بنسبة التصنيع المحلي وحجم الإنتاج، بما يُميّز المركبات الكهربائية في هيكلة الدعم. في السنة المالية 2024/2025 تم تخصيص اعتمادات لدعم التوطين الصناعي كجزء من هذه الاستراتيجية.
البنية التحتية للشحن والتنظيم
هناك تطور سريع في شبكات الشحن بقيادة شركة Infinity EV التي أعلنت تشغيل أكثر من 700 نقطة شحن عبر الجمهورية تشمل 14 محافظة، إلى جانب ذلك، ينشر جهاز تنظيم الكهرباء (EgyptERA) تعريفات محدثة للشحن منذ 2024 مع متابعة دورية للأسعار لضمان توافقها مع العوامل الفنية وسعر الصرف.
سلاسل القيمة المحلية
مصر تسعى لتعزيز عمليات التجميع النهائي عبر الاستفادة من الحوافز وتعميق المحتوى المحلي بمراحل تدريجية تصل إلى 60%، هناك فرص واعدة لتوطين صناعات مكوّنات رئيسية مثل الهياكل، البلاستيك، الضفائر، الزجاج، والإطارات ضمن مشروع Sailun، على المدى المتوسط، توجد جهود لتصنيع بطاريات EV وحزم الطاقة بالتوازي مع استثمارات الطاقة الخضراء في SCZONE.
السوق المحلي والطلب المستقبلي
رغم أن السوق المحلي لا يزال في مرحلة التأسيس، تنمو بشكل تدريجي بفضل الحوافز وتوسّع البنية التحتية، تقارير الأعمال تشير إلى إمكانية جذب استثمارات EV موجهة للتصدير، خصوصًا نحو أوروبا والمنطقة الإقليمية.
التحديات الواقعية
ووضحت الدكتورة رشا السلاب، خبيرة الاقتصاد، بعض النقاط عن التحديات الواقعية التي يمكن أن تواجه هذه الصناعة:
ومن بين التحديات: تقلب سعر الصرف وتأثيره على تكلفة المكوّنات المستوردة مثل البطاريات، وفقًا للحاجة المتزايدة للتصنيع المحلي، كذلك، يتطلب السوق وضوحًا
فيما يتعلق بسياسات استيراد السيارات الكهربائية سواء الجديدة أو المستعملة، إلى جانب توسيع شبكات الشحن خارج المناطق الحضرية لتغطية الطرق السريعة والمحافظات.
خارطة الطريق العملية (12–36 شهرًا)
1. تعميق المحتوى المحلي: تستهدف مصر تحقيق 45% محتوى محلي خلال المرحلتين الأوليين لأي مشروع تجميع، وصولاً إلى 60%+ خلال 3 سنوات مع ربط الحوافز بتلك النسب.
2. توطين صناعة المكوّنات: الإطارات والزجاج والضفائر تأتي ضمن الأولويات لتقليل الاعتماد على الواردات، إلى جانب تجميع وحدات إدارة البطاريات داخل SCZONE لتسهيل عملية التصدير.
3. تشجيع الطلب الحكومي المبكر: عقود شراء حكومية لسيارات وحافلات كهربائية يمكن أن تدفع الطلب المبدئي وتثبّت خطوط إنتاج الشركات المحلية.
4. تعزيز البنية التحتية للشحن: تسريع إنشاء النقاط العامة على الطرق السريعة وتوفير معايير موحدة للدفع والتكامل التشغيلي بين مزودي الخدمة.
5. التمويل الأخضر الميسّر: التعاون مع صناديق التنمية لتقديم منح وقروض لتمويل تصنيع المكوّنات، مع تركيز على سلاسل البطاريات ذات كثافة التشغيل العالية.
6. مسار تصديري متميز من خلال الهيئة الاقتصادية لقناة السويس (SCZONE)، يتضمن عقود تصنيع حسب الطلب (OEM/ODM) موجهة لأسواق المنطقة والاتحاد الأوروبي، مع الاستفادة من اتفاقيات التجارة المشجعة وربط هذه العمليات بخدمات لوجستية قائمة على موانئ شرق بورسعيد والسخنة لتعزيز الكفاءة والجدوى الاقتصادية.
7. تطوير رأس المال البشري عبر برامج تدريب فني متخصصة تشمل مجالات مثل السلامة في التعامل مع الجهد العالي، برمجيات إدارة المحركات، وتشخيص الأعطال، بالتعاون مع الجامعات ومزودي التكنولوجيا لتوفير كوادر مؤهلة تدعم القطاع الصناعي.
مؤشرات الأداء (KPIs) المقترحة لتقييم التقدم:
9. مؤشرات الأداء (KPIs) المقترحة لتقييم التقدم:
– عدد الطرازات المُجنّبة محليًا سنويًا ومتوسط المحتوى المحلي لكل طراز.
– حجم الإنتاج السنوي من الوحدات ونسبة التصدير إلى الأسواق الخارجية.
– تكلفة الوحدة قبل وبعد تطبيق الحوافز الاقتصادية.
– كثافة نقاط الشحن العاملة لكل 100 كم من الطرق.
– مدة إصدار التراخيص والموافقات لإنشاء المصانع الجديدة.
وأوضحت أن مصر طورت إطار حوكمة واضح يشمل المجلس الأعلى وصندوق صديق للبيئة، بالإضافة إلى برنامج الحوافز AIDP الذي يعتمد على ربط الدعم المقدم بمستوى القيمة المضافة وحجم الإنتاج، كما أن الهيئة الاقتصادية لقناة السويس تتحول إلى مركز متخصص لتصنيع المكونات والتصدير، مثل مشروع إطارات Sailun الحديث، فيما أعادت النصر للسيارات دخول السوق عبر الحافلات الكهربائية كبداية.
واختتمت حديثها بتوضيح النقاط الرئيسية التي تحتاج إلى معالجة في الفترة الحالية تشمل، تعميق سلسلة إنتاج البطاريات محليًا، تسريع إنشاء محطات الشحن على الطرق السريعة، وتوفير استقرار أكبر لقواعد الاستيراد بالنسبة للمستهلكين، إذا نُفذت خارطة الطريق المشار إليها في غضون عامين أو ثلاثة، سيكون بإمكان مصر تأسيس قاعدة تصنيع مركبات كهربائية قابلة للتصدير بتكلفة تنافسية على المستوى الإقليمي.
