تسعى مصر إلى تعزيز اقتصادها من خلال توطين صناعة السيارات، وهو توجه استراتيجي يدعم التنمية المستدامة ويعزز القدرات المحلية، في ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، تُخطط الدولة لتحقيق عدد من الأهداف التي تصب في تطوير هذا القطاع الحيوي.

وقال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي إن قطاع السيارات في مصر حاليًا تشهد تحديات كبيرة، أبرزها الارتفاع العشوائي في الأسعار وضعف توافر السيارات بأسعار تنافسية، موضحا أن هذا الوضع دفع الدولة نحو اتخاذ خطوات جدية لدعم توطين صناعة السيارات، وهو أمر محوري للاقتصاد المحلي، ومن بين هذه الخطوات عودة شركة النصر للسيارات وفكرة التركيز على السيارات الكهربائية، وهو توجّه استراتيجي يساعد على تقليل الاعتماد على الاستيراد وتقليل الضغط على العملة الأجنبية.

اقرا أيضا

بعد توجيهات رئاسية .. السيد خضر يوضح لـ ” العالم في دقائق” كيفية الاستثمار في قطاع السيارات

أهداف الصناعة المحلية للسيارات

 

وأوضح « خضر» في تصريحات خاصة لـ ” العالم في دقائق” أن الصناعة المحلية للسيارات ستُسهم في تحقيق عدة أهداف:

أولًا، تخفيف فاتورة الاستيراد الكبيرة التي تضغط على الاقتصاد الوطني.

ثانيًا، خلق توازن في السوق الداخلي من خلال توفير سيارات بأسعار مناسبة مقارنة بالأسعار المرتفعة وغير الواقعية

ثالثًا، تعزيز فرص التصدير إلى الأسواق الإقليمية وبالأخص القارة الإفريقية، التي تحتاج إلى تنمية قطاع السيارات بشكل واسع.

إضافةً إلى ذلك، تعتبر المغرب نموذجًا ناجحًا في إفريقيا بمجال صناعة السيارات، ومصر تستطيع أن تكون شريكًا ومنافسًا قويًا في هذا المجال.

رؤية الدولة لدعم الاقتصاد المصري

إلى جانب قطاع السيارات، أضاف أن هناك توجه واسع نحو توطين باقي الصناعات في مصر، هذا التوجه يأتي كجزء من رؤية طويلة الأجل لدعم الاقتصاد المصري عبر تعزيز الإنتاج المحلي والحد من الاعتماد الكبير على الواردات، مشيرا إلى أن الهدف هنا أيضًا هو تقليل الفجوة الناتجة عن ارتفاع أسعار الصرف والعملات الأجنبية، ما يعزز من شعار “صنع في مصر”، ويوفر فرصًا اقتصادية محلية تدعم المستهلك وتقدم بدائل موثوقة وذات جودة.

واختتم حديثه أن الدولة تتبنى خطوات جادة لتوطين الصناعات المختلفة وتوفير منتجات محلية قادرة على تلبية احتياجات السوق الداخلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد بشكل تدريجي، ومع ذلك، هذه الجهود تتطلب بعض الوقت لتحقيق نتائج ملموسة، لكن ما نراه الآن يشير إلى أن مصر تتحرك بخطى ثابتة نحو تحسين الوضع الاقتصادي وتعزيز الصناعات المحلية لدعم النمو المستدام.

أحمد خطاب:  صناعة السيارات لها أهمية كبرى بعد توجيهات الرئيس السيسي

قال الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدّد على أهمية التركيز على الصناعات الاستراتيجية التي تجذب الاستثمار المباشر سواء على المستوى الدولي أو العربي، ومن بين هذه الصناعات تأتي صناعة السيارات، لما لها من أهمية كبرى لدى الشعب المصري، فعلى اعتبار أن مصر تضم أكثر من 110 ملايين نسمة، يشكل استخدام السيارات جزءًا أساسياً من الحياة اليومية للكثيرين، موضحا أن مصر تتمتع بموقع استراتيجي يمكنها من أن تكون بمثابة بوابة تصدير للسلع إلى الخارج، خاصة إلى بعض الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، مثل العراق وليبيا، التي تفتقر لصناعة السيارات.

أسباب اختيار السيارات للصناعة

 

وأوضح خطاب في  تصريحات خاصة لـ ” العالم في دقائق” سبب اختيار صناعة السيارات، هو الاعتماد على شبكة واسعة من الموردين نظرًا لتعدد مكونات السيارة مثل المحركات، الشاسيه، أنظمة التعليق، العوادم، الزجاج وغير ذلك، لذا، تدخل قطاعات صناعية مساندة في دعم هذه الصناعة، في الوقت الراهن، تستورد مصر المحركات من دول مثل اليابان وألمانيا، في حين تمثل الصناعة المحلية نسبة تتراوح بين 50% و 60% من مكونات السيارات، ومع التطوير المستمر، يمكن لمصر الوصول إلى نسبة مكون محلي تتراوح بين 70% و 80%، وربما تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل بنسبة 100% خلال السنوات العشر القادمة، بما في ذلك تصنيع المحركات محلياً أو الاعتماد على تقنيات البطاريات الكهربائية المصنوعة في مصر.

مصر من أكثر الدول استهلاكا للسيارات

وأشار إلى أن مصر تعد من الدول ذات الكثافة العالية في استهلاك السيارات. كما تتمتع بميزة فريدة تتمثل في قربها الجغرافي واتصالها المباشر بعدة أسواق إفريقية وعربية مثل السودان وليبيا والعراق والمغرب، هذه الدول بحاجة لاستيراد سيارات من مصر، لا سيما خلال مراحل إعادة الإعمار في ليبيا والعراق، حيث تحتاج إلى سيارات نقل خفيفة وشاحنات صغيرة، بالإضافة إلى السيارات الملاكي.

واختتم حديثه بأن صناعة السيارات لا تقتصر فقط على تلبية الاحتياجات المحلية أو التصدير، بل تمثل صناعة تكاملية تسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب وتنشيط الاقتصاد المصري، كما أن هذه الصناعة لها سوق واعد في العالم العربي، ومع تطويرها بإذن الله يمكن تحقيق المزيد من التقدم وتعزيز مكانة مصر في هذا المجال الحيوي.

أسباب ارتفاع الأسعار والاعتماد على المنتج المحلي

 

أما عن ارتفاع الأسعار ، أوضح أنها تُعتبر جزءًا من ظاهرة عالمية تؤثر على مصر نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وتعطيل السوق التجاري واللوجستي مع الصين والدول الكبرى، هذا أدى إلى زيادة تكاليف الشحن، إلى جانب الضرائب التصاعدية التي فرضتها الولايات المتحدة على دول العالم، بما فيها الصين، فمعظم المنتجات المستوردة إلى مصر تأتي من الصين، ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي انضمام مصر إلى مجموعة بريكس إلى تسهيل عمليات الاستيراد وتحسين الأسعار في مصر. بالإضافة إلى ذلك، كون مصر عضوًا في الكوميسا سيمكنها من تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية الكبرى.