اقتصادي: اليوان الصيني بداية عصر جديد في النظام المالي العالمي ( خاص)
تحديات حقيقية أمام فرض اليوان كعملة مهيمنة

قال الدكتور عبدالرحمن طه، خبير الاقتصاد الرقمي، إن الصين تخطو خطوات متسارعة نحو تعزيز مكانة عملتها الوطنية، اليوان، في التجارة الدولية، مدفوعة بتطورات اقتصادية وجيوسياسية متلاحقة، ورغبة واضحة في تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وفرض نظام مالي متعدد الأقطاب.
وأشار طه في تصريحات خاصة لـ ” العالم في دقائق” إلى أن الصين لم تفرض عملتها بشكل قسري على الشركاء التجاريين، لكنها اعتمدت استراتيجية ذكية تقوم على توسيع نطاق استخدام اليوان تدريجيًا في التسويات التجارية، خاصة مع دول مجموعة البريكس ودول جنوب شرق آسيا، فقد ارتفعت نسبة المعاملات التجارية المقومة باليوان من 25% إلى 40% في بعض القطاعات العابرة للحدود خلال عام 2025، ما يعكس تنامي الثقة الدولية في العملة الصينية.

إطلاق اليوان الرقمي
وأوضح طه أن إطلاق اليوان الرقمي منح الصين أداة قوية لتعزيز حضورها المالي عالميًا، حيث تجاوزت قيمة المدفوعات الدولية باليوان الرقمي 1.2 تريليون دولار أمريكي، مع ربط النظام المالي الصيني بأنظمة تسوية في أكثر من 16 دولة، منها دول في آسيا والشرق الأوسط. هذا التطور قلّص من زمن تسوية المعاملات المالية إلى ثوانٍ معدودة، وخفض رسوم التحويل بنسبة 90% مقارنة بالنظم التقليدية.
وألمح طه إلى أن تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، وفرض رسوم جمركية متبادلة، دفع بكين إلى تسريع جهودها لتدويل اليوان، بهدف حماية اقتصادها من تقلبات الدولار، ودعم تنافسية صادراتها في الأسواق العالمية. كما أن الصين تستفيد من عضويتها في البريكس لتشجيع الدول الأعضاء على استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري، ما يقلل من هيمنة الدولار على التجارة الدولية.

تحديات حقيقية أمام فرض اليوان كعملة مهيمنة
ومن جهة أخرى، لفت طه إلى أن هناك تحديات حقيقية أمام فرض اليوان كعملة مهيمنة عالميًا، أبرزها استمرار تفضيل الدولار في معظم المعاملات الدولية، ووجود قيود على حرية تحويل اليوان، إضافة إلى الحاجة لمزيد من الثقة الدولية في النظام المالي الصيني. إلا أن الصين تواصل فتح أسواقها المالية أمام المستثمرين الأجانب، وتطوير بنيتها التحتية الرقمية لجذب المزيد من الشركاء.
وكما تشير البيانات المتاحة، أوضح طه أن اليوان الصيني أصبح ثالث عملة في تمويل التجارة الدولية بنهاية 2024، بعد الدولار واليورو، واحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث عملات الدفع. كما أن أكثر من ثلثي دول العالم بدأت تكييف أنظمتها المالية مع اليوان الرقمي، في حين تخطط 38% من البنوك المركزية حول العالم لزيادة احتياطاتها من اليوان أو الذهب خلال 2025.
وأكد طه أن الصين لا تفرض عملتها بشكل مباشر، لكنها تنجح في ترسيخ اليوان كخيار واقعي وفعال في التجارة الدولية، مستفيدة من التطورات التكنولوجية، والتحولات الجيوسياسية، وتنامي التعاون مع دول البريكس. هذا التوجه يبشر بعصر مالي أكثر تنوعًا وتعددية، مع توقعات بتزايد دور اليوان في السنوات المقبلة
أقرا أيضا