أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي: واشنطن شريكة في التطهير العرقي بغزة

في تقرير صادم أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية الأمريكية، أعلن عضوان بارزان في مجلس الشيوخ أن إسرائيل تنفذ خطة ممنهجة للتدمير والتطهير العرقي بحق سكان غزة، مؤكدَين أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية مباشرة باعتبارها شريكة في هذه السياسات عبر الدعم العسكري والمالي. التقرير، الذي جاء بعد زيارة ميدانية شملت مصر، إسرائيل، الضفة الغربية والأردن، سلط الضوء على استخدام الحصار كسلاح، ومنع دخول المساعدات، واستهداف البنية التحتية المدنية بشكل واسع. وبحسب أعضاء مجلس الشيوخ، فإن هذه الممارسات لا يمكن اعتبارها مجرد أضرار جانبية، بل خطة متكاملة لاقتلاع السكان الفلسطينيين من أرضهم.
خطة منظمة للتدمير
العضوان الديمقراطيان كريس فان هولن ماريلاند وجيف ميركلي أوريغون أعلنا توصلهما إلى “خلاصة حتمية” بأن ما يحدث في غزة يتجاوز مواجهة حركة حماس. وأوضحا أن حكومة نتنياهو تنفذ استراتيجية عقابية جماعية تهدف إلى اقتلاع السكان، مستخدمة الدمار الممنهج والبنية التحتية كأدوات ضغط. وأشار فان هولن خلال مؤتمر صحفي إلى أن إسرائيل لم تكتف بالعمليات العسكرية، بل تجاوزتها نحو حرمان كامل للسكان من مقومات الحياة.
تجويع ممنهج واستخدام الغذاء كسلاح
التقرير كشف أن ما لا يقل عن مئة شخص لقوا حتفهم جوعًا في غزة، وفق بيانات أممية. واعتبر أعضاء مجلس الشيوخ أن حرمان الفلسطينيين من الغذاء والدواء ليس نتيجة ثانوية للحرب، بل سياسة متعمدة. فقد أشاروا إلى رفض دخول مواد مثل العسل وزبدة الفول السوداني والتمور بحجة “الاستخدام المزدوج”، ما أدى إلى تعطيل المساعدات القادمة من الأردن، التي لا تتجاوز 10% من قدرتها الأصلية. كما أضافوا أن رسومًا إضافية مفروضة على الشاحنات تزيد من تعقيد الوضع الإنساني.

شهادات جنود ومشاهد دمار شامل
خلال زيارتهم، التقى أعضاء مجلس الشيوخ جنودًا إسرائيليين سابقين تحدثوا عن تدمير منهجي لأحياء بأكملها باستخدام المتفجرات، بما يشمل منازل ومدارس ومرافق مدنية. وأكد التقرير أن هذه الشهادات تدعم الرواية القائلة بوجود خطة متعمدة لتدمير الحياة المدنية في غزة. كما وصف فان هولن مشهد رفح التي كانت تضم 270 ألف نسمة قبل أن تتحول إلى أنقاض، بعد أن عاينها من الجانب المصري عبر سلالم طوارئ حدودية.
إعاقة منظمات الإغاثة وتقييد المساعدات
أعضاء مجلس الشيوخ وثّقوا شهادات لمسؤولي منظمات إنسانية عن تعرض قوافلهم لنيران الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر، وإبقاء معدات أساسية مثل المضخات الشمسية والكراسي المتحركة محتجزة في المخازن. وفي ميناء أشدود، أكد برنامج الغذاء العالمي أن 2200 حاوية غذاء تكفي لإطعام سكان غزة ثلاثة أسابيع، لكنها عالقة بسبب فحوصات فردية لكل طرد. إسرائيل، بحسب التقرير، استبدلت مئات نقاط توزيع الغذاء بأربع نقاط فقط تخدم مليوني شخص، مما أجبر نساء يعانين سوء التغذية على السير لمسافات طويلة في ظروف قاسية للحصول على الطعام.
الولايات المتحدة في موضع الاتهام
التقرير لم يكتفِ بانتقاد إسرائيل، بل اتهم واشنطن بالمشاركة الفعلية عبر تمويل العمليات وتزويد الأسلحة. وقال فان هولن بوضوح: “نحن شركاء في هذا التطهير العرقي، لأننا نمول الحكومة الإسرائيلية بأسلحة موجهة لغزة”. وبينما وصف التقرير تبرير عمليات التهجير بأنها “خروج طوعي” بأنه كذبة خطيرة، شدد على أن فقدان المنازل والمزارع لا يترك للفلسطينيين أي خيار سوى النزوح.

مواقف متغيرة في الكونغرس
المناخ السياسي في الكونغرس يشهد تحولًا متزايدًا. ففي تصويت حديث، عارض 27 عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ صفقة أسلحة لإسرائيل، وهو مؤشر على تصاعد الشكوك داخل الحزب بشأن الدعم غير المشروط. وأكد ميركلي أن القيم التي دعمت إسرائيل في الماضي، هي ذاتها التي تدفعه اليوم لإدانة ممارساتها تجاه الفلسطينيين في الضفة وغزة. كما شدد على أن استمرار الحرب يضر حتى بعائلات الرهائن الإسرائيليين الذين قالوا إن نتنياهو يفضل بقاءه السياسي على حياة أقاربهم.
دعوة لتحرك عاجل
التقرير ختم برسالة قوية دعا فيها إلى تحرك دولي فوري لوقف ما وصفه بالتطهير العرقي الجاري في غزة. وأكد أن المواقف الكلامية لم تعد كافية، وأن على المجتمع الدولي فرض عقوبات ملموسة على المسؤولين عن هذه السياسات. أعضاء مجلس الشيوخ شددوا على أن الصمت الدولي يشجع على استمرار الانتهاكات، وأن العالم أمام التزام أخلاقي وقانوني لا يمكن التهرب منه.