المسيّرات الذكية تغير قواعد الحرب: أوكرانيا تختبر مستقبل المعارك المؤتمتة.
33 ألف وحدة من أنظمة الذكاء الاصطناعي تدخل أوكرانيا بدعم أمريكي وألماني وسط تصاعد المواجهة مع روسيا.

مع احتدام الحرب الروسية الأوكرانية ودخولها عامها الرابع، بدأت ساحات المعارك تشهد تحوّلاً نوعياً، ليس في حجم الدمار بل في طبيعة أدوات القتال. وسط استخدام روسيا المكثف للطائرات المسيّرة الانتحارية من طراز “شاهد”، تسعى أوكرانيا للرد عبر اعتماد واسع على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة الهجومية الذكية، في مشهد يُعيد تعريف الحرب في القرن الحادي والعشرين.
نقلة تكنولوجية: أنظمة “Strike Kits” تدخل المعركة
أعلنت شركة أوتيريون (Auterion)، المتخصصة في برمجيات الطائرات دون طيار، عن شحن ما يقارب 33,000 وحدة من أنظمتها “Strike Kits” إلى أوكرانيا بحلول نهاية 2025، ضمن عقد تمويل مباشر من وزارة الدفاع الأمريكية.
هذه الأنظمة تحوّل الطائرات العادية إلى مسيّرات هجومية ذكية، باستخدام تقنيات متقدمة تتيح الاستهداف الدقيق، مقاومة التشويش، والتواصل المتزامن بين الطائرات.
“نحن لا نزوّد أوكرانيا بالسلاح فحسب، بل بالبنية الرقمية لحرب المستقبل”، يقول لورينز ماير، الرئيس التنفيذي لشركة أوتيريون.
من الدفاع إلى الهجوم: مسيّرات برمجية تضرب بذكاء
يعتمد النظام الرئيسي “Skynode” على حاسوب مصغّر يحتوي كاميرا وراديو وتحكم ذاتي، ما يسمح بتوجيه المسيّرات بشكل مستقل ودقيق، حتى ضد أهداف متحركة. وهذا التحول في القدرات يمنح أوكرانيا ميزة هجومية نوعية في وجه الكم الهائل من المسيّرات الانتحارية الروسية، والتي أرهقت الدفاعات الجوية الأوكرانية التقليدية.
التمويل الأمريكي: دعم يتجاوز السلاح إلى البرمجيات
تبلغ قيمة الصفقة الأخيرة قرابة 50 مليون دولار، وهي أكبر بعشر مرات من الصفقات السابقة لأوتيريون. لكنها لا تدخل ضمن “صفقة الدرون الكبرى” التي أعلنها الرئيس زيلينسكي مؤخراً.
هذه الخطوة تمثل تحولاً استراتيجياً في الدعم الغربي، من مجرد إرسال عتاد إلى بناء منظومة قتالية قائمة على “الحرب المعرفة برمجياً” (Software-defined Warfare).
الدور الألماني: الإنتاج المحلي يدخل المعادلة
ألمانيا، ثاني أكبر داعم عسكري لأوكرانيا بعد واشنطن، بدأت بتمويل إنتاج مسيّرات بعيدة المدى داخل الأراضي الأوكرانية.
ويُتوقع أن تُدمج برمجيات أوتيريون في تلك الطائرات، في إطار مشروع أوسع لدمج الذكاء الاصطناعي في البنية الدفاعية المحلية.
زيلينسكي أكد أن “4 شركات أوكرانية جاهزة للإنتاج، و10 أخرى تتهيأ للدخول، بشرط تأمين التمويل اللازم”.
أوكرانيا كساحة اختبار: الجيل الجديد من الحروب يُولد
منذ اندلاع الحرب في 2022، أصبحت أوكرانيا حقل تجارب عالمياً لتقنيات الحرب الحديثة.
الأنظمة الجديدة تُحوّل أسراب المسيّرات إلى وحدات مترابطة، “تتحدث إلى بعضها”، وتنسق الهجمات بشكل شبه ذاتي.
ورغم التأكيد على أن “البشر هم من يحددون الهدف”، فإن السرعة والتعقيد في قرارات الاشتباك تضع الذكاء الاصطناعي في موقع القيادة العملياتية.
إعادة تعريف النصر: من يملك البرمجيات يملك الحرب
المعركة لم تعد تُحسم بمن يملك الدبابة أو المقاتلة، بل بمن يملك الخوارزمية الأكثر ذكاءً.
المسيّرات المزودة بذكاء اصطناعي أصبحت وحدات قتالية مستقلة، تقرر وتتحرك دون تدخل بشري مباشر، وتُحدث فرقاً في ساحة معركة يسودها التشويش والفوضى.
“النصر في الحروب القادمة سيُحدد بالكود البرمجي لا بعدد الجنود”، خلاصة يبدو أن أوكرانيا أول من يكتبها.
أقرأ أيضاً:
غزة خارج حماية القانون الدولي: رفح تحترق والعالم يتواطأ.