الملاك والمستأجرون يترقبون الساعات المتبقية لتطبيق قانون الإيجارات القديمة
هل يدخل قانون الإيجارات القديمة حيز التنفيذ في 1 أغسطس؟

مع اقتراب الأول من أغسطس، تتجه الأنظار في الشارع المصري نحو قانون الإيجارات القديمة الجديد، الذي يُعد من أكثر التشريعات المثيرة للجدل في العقود الأخيرة. هذا القانون، الذي أقرّه مجلس النواب يوم 2 يوليو 2025، ينتظر فقط تصديق رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية حتى يدخل حيز التنفيذ. فهل نشهد بدء تطبيقه فعليًا في بداية أغسطس؟
جدل قانوني ومجتمعي ممتد لسنوات
لطالما كانت العلاقة بين المالك والمستأجر واحدة من أعقد القضايا القانونية والاجتماعية التي واجهت الدولة المصرية. فقد استمرت أوضاع عقارية قائمة منذ خمسينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا، ما تسبب في مشكلات هيكلية في السوق العقاري، وأثار شكاوى متكررة من الملاك حول الإيجارات الرمزية غير المتناسبة مع الواقع الاقتصادي.
وعلى الجانب الآخر، يخشى كثير من المستأجرين من فقدان منازلهم التي عاشوا فيها لسنوات طويلة، وسط مخاوف تتعلق بغياب بدائل سكنية بأسعار مناسبة، في ظل ما يعانيه البعض من محدودية الدخل.
المحكمة الدستورية العليا تمهّد الطريق
التحول الحاسم جاء في 9 نوفمبر 2024، عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية المادتين (1 و2) من قانون 136 لسنة 1981، المعروف إعلاميًا بـ”قانون الإيجار القديم”. وقد استند الحكم إلى أن القانون لم يعد يواكب روح العدالة الاجتماعية وتوازن الحقوق التي كفلها دستور 2014.
هذا الحكم ألزم الدولة بإصلاح تشريعي شامل ينهي التفاوت القانوني والاقتصادي، ويعيد النظر في الأوضاع القديمة التي استمرت لعقود.
المسار التشريعي.. من الحكومة إلى البرلمان
استجابت الحكومة سريعًا وأعدت مشروع قانون جديد يستهدف إعادة ضبط العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر وفق مبادئ العدالة، التدرج، وعدم الإخلال بحقوق الإنسان الأساسية.
مر المشروع بكامل مراحله التشريعية داخل مجلس النواب:
الاقتراح: من جانب الحكومة.
المناقشة والإقرار: في اللجان النوعية ثم الجلسات العامة.
الإحالة للرئيس: للتصديق عليه.
النشر في الجريدة الرسمية: ليصبح نافذًا.
سيناريوهات ما بعد الأول من أغسطس
بحسب المادة (123) من الدستور المصري، إذا لم يُصادق رئيس الجمهورية على القانون خلال 30 يومًا من تاريخ تسلمه، يُعد القانون نافذًا بحكم الدستور، ويتم نشره تلقائيًا في الجريدة الرسمية. لذا، فإن 1 أغسطس 2025 هو الحد الفاصل بين الانتظار والتنفيذ.
أما إذا قرر الرئيس إعادة القانون إلى البرلمان لإعادة المناقشة، فقد يتأخر التنفيذ، خاصة مع انتهاء دور الانعقاد وعدم تشكيل مجلس نواب جديد بعد.
تأثير مباشر على الملاك والمستأجرين
القانون الجديد في حال دخوله حيز التنفيذ سيضع ضوابط انتقالية لإعادة التوازن في العلاقة الإيجارية، من خلال أي التدرج في زيادة القيمة الإيجارية، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وتوفير حماية قانونية للفئات الأولى بالرعاية.
سيشمل ذلك:
معالجة أوضاع الوحدات المغلقة غير المستغلة.
وضع آليات واضحة لتحرير العلاقة الإيجارية خلال فترات محددة.
دعم الدولة في تقديم برامج إسكان بديلة إن لزم الأمر.
العدالة الاجتماعية أم تهديد الاستقرار؟
التحدي الأكبر أمام الدولة هو تحقيق توازن دقيق بين مصلحة المالك، الذي يطالب بحقوقه القانونية في الاستفادة من ملكه، وبين المستأجر، الذي يخشى التهجير أو فقدان الأمان السكني.
ويرى مراقبون أن القانون الحالي، رغم ما قد يثيره من انقسام، يمثل خطوة ضرورية نحو الإصلاح التشريعي وتحقيق العدالة الاجتماعية، خاصة مع تدهور حال العديد من المباني القديمة، وضعف عوائد الإيجار بالنسبة للملاك، مقابل أزمة إسكان حقيقية.
ماذا بعد النشر الرسمي؟
في حال نشر القانون بالجريدة الرسمية يوم 1 أغسطس، تبدأ المرحلة التنفيذية، والتي تتضمن إصدار اللائحة التنفيذية خلال مدة أقصاها 60 يومًا، بالإضافة إلى متابعة من جهات الدولة لتنفيذ القانون بشكل تدريجي وإنساني.
ويؤكد مختصون أن تنفيذ القانون سيكون تدريجيًا ومرتبطًا ببرامج حماية اجتماعية، مع مراعاة الحالات الخاصة وكبار السن وذوي الدخل المحدود، ما يعكس دور الدولة في ضمان تحقيق التوازن.