ترامب يهدد قطاع الرقائق العالمي برسوم جمركية رغم استثناء شركة آبل
استثناء آبل يكشف انتقائية السياسة التجارية الأمريكية وفوضى القرارات الجمركية

رغم أن إعفاء شركة آبل من رسوم جمركية محتملة على أشباه الموصلات بدا وكأنه خطوة إيجابية، فإن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكشف عن سياسة تجارية معقدة وارتجالية تهدد قطاع الرقائق العالمي. فبينما تسعى الإدارة لحماية الأمن القومي وإعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي، تصطدم هذه الأهداف بشبكة عالمية من التحالفات الصناعية العابرة للحدود، مما ينذر بإحداث تغييرات جذرية في خريطة الإنتاج والابتكار.
آبل تنجو بفضل الاستثمار… والشركات الصغيرة في مرمى النيران
نجحت آبل في تجنب الرسوم الجمركية بعد رفع استثماراتها في الولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار، لكن هذه الاستثناءات تعكس انتقائية واضحة، حيث ستجد الشركات الأصغر التي تفتقر إلى النفوذ السياسي أو القدرة الاستثمارية نفسها أمام رسوم قد تصل إلى 100%. وحتى الاستثمارات التي اعتمد عليها إعفاء آبل ترتبط بموردها “فوكسكون” وتشمل مجالات بعيدة عن تصنيع الهواتف، ما يعكس فوضى في المعايير.
المادة 232: أداة قانونية ذات تأثير عالمي
تستند وزارة التجارة الأمريكية في هذا الملف إلى المادة 232 من قانون التوسع التجاري، التي تسمح بفرض رسوم لحماية الأمن القومي. غير أن خصوصية قطاع الرقائق، الذي يمثل العمود الفقري للتكنولوجيا الحديثة، تجعل نتائج التحقيق أكثر حساسية، إذ قد تفرز خليطًا من الرسوم والاتفاقات الثنائية المعقدة، مهددة بخلق بيئة تنظيمية مربكة. وقد تستفيد شركات كبرى مثل TSMC من الاستثناءات، بينما تواجه منافساتها الأصغر عقوبات تجارية قاسية.
الاتفاقات الثنائية: حماية أم ورقة ضغط؟
دخلت الولايات المتحدة في اتفاقات خاصة مع دول ككوريا الجنوبية واليابان والاتحاد الأوروبي لضمان استثناء صادراتها من الرقائق من الرسوم المرتقبة. لكن هذه الإعفاءات قد تكون مؤقتة، كما حدث في قطاع الصلب سابقًا، ما يحوّلها إلى أداة ضغط سياسي ويجبر الحلفاء على الدخول في مفاوضات مستمرة، على حساب الاستقرار التجاري العالمي.
مأزق سلاسل التوريد العالمية
تعاني الشركات المعتمدة على شبكات توريد دولية من صعوبة نقل عملياتها إلى الداخل الأمريكي، خاصة الشركات اليابانية التي تزود آبل، والتي تفتقر إلى الدعم الحكومي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وبذلك، تصبح هذه الشركات أمام خيارين أحلاهما مر: استثمارات ضخمة في بيئة غير مستقرة أو مواجهة ضرائب قاتلة تُخرجها من السوق الأمريكي.
المواد والمعدات: المعركة القادمة
لا يقتصر الجدل على الرسوم المفروضة على الرقائق النهائية، بل يمتد إلى المواد الخام ومعدات التصنيع. إذا شملت الرسوم هذه المكونات، سترتفع تكاليف إنشاء المصانع الأمريكية، ما ينسف الهدف المعلن بإعادة التصنيع محليًا. وقد حذرت أكثر من 150 جهة، بينها حكومة تايوان، من أن هذه الخطوة ستضعف جاذبية الاستثمار في الولايات المتحدة.
غموض في آلية التطبيق
لم تتضح بعد طريقة حساب الرسوم أو موعد تطبيقها، سواء كانت على الجهاز كاملًا أو على مكوناته فقط. ومع أن وزير التجارة وعد بإعلان النتائج خلال أسبوعين، فإن تعقيدات الملف قد تؤخر القرار حتى ديسمبر 2025، مما يُبقي الأسواق في حالة ترقب ويعيق التخطيط الاستراتيجي للشركات.
سياسة الرسوم تهدد الابتكار العالمي
تهديد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 100% على الرقائق، رغم استثناء بعض الكبار، يعكس تحولًا خطيرًا في العلاقة بين السياسة التجارية والتكنولوجيا. وإذا استمر هذا النهج، فسيكون الابتكار هو الضحية الأولى، يليه المستهلكون والحلفاء الذين يعتمدون على السوق الأمريكية. النتيجة المتوقعة: عالم أقل ترابطًا واستقرارًا، تحكمه قرارات سياسيةأكثر من الحقائق الاقتصادية.
اقرا ايضا:
ما يربط الانديه الرياضيه ذات المستوي الثاني والأسهم الصغيرة هل يمكن ان تكون المكاسب ضخمة ام مجرد خديعة ؟