تقارير التسلح

أوكرانيا تعمي عيون S-500: تدمير رادار “ينييسي” يفتح ثغرة في درع روسيا الجوي

أعلنت وحدة بريماري (الأشباح) الخاصة الأوكرانية مسؤوليتها عن ضربة ناجحة على رادار ينيسي 98L6 التابع لنظام الدفاع الجوي الروسي المتطور إس-500 بروميتي في شبه جزيرة القرم، مما يُمثل ضربة موجعة لقدرات موسكو الدفاعية. لا تُمثل هذه الضربة انتصارًا تكتيكيًا لأوكرانيا فحسب، بل تكشف أيضًا عن نقاط ضعف في شبكة الرادار الروسية المتقدمة.

استهداف الأصول الحيوية

 

يُعد رادار ينيسي، وهو جزء لا يتجزأ من شبكة إس-500 الروسية، نظامًا عالي التقنية مصممًا لتتبع والتعامل مع مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ والطائرات والأسلحة الأسرع من الصوت. يُستخدم هذا الرادار كجزء من نظام الدفاع الروسي الطموح متعدد الطبقات، ويتمتع بالقدرة على اكتشاف الأهداف على مسافات تصل إلى 600 كيلومتر وارتفاعات تصل إلى 100 كيلومتر، مما يوفر مراقبة شاملة وإنذارًا مبكرًا. ومع ذلك، فإن تدميره يؤثر بشدة على الفعالية العملياتية للدفاع الجوي الروسي في شبه جزيرة القرم، وخاصة في اكتشاف التهديدات سريعة الحركة أو عالية الارتفاع.

في حين أن ينيسي لم يكن الهدف الأولي خلال العملية، إلا أن عملاء المخابرات الأوكرانية، بعد تحليل الوضع، أدركوا أنهم ضربوا جزءًا حيويًا من شبكة الدفاع الجوي الروسية الأكثر تطورًا. هذا التحول من استهداف مكونات أبسط من نظام إس-400 إلى تدمير ينيسي يؤكد على التطور والدقة المتزايدين للاستراتيجية العسكرية الأوكرانية.

إس-500 وفقدان نظام الإنذار المبكر

يهدف نظام إس-500 بروميتي، نظام الدفاع الجوي الرائد في روسيا، إلى اعتراض مجموعة من التهديدات، من الصواريخ الباليستية إلى الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض. يعمل رادار ينيسي بمثابة “عيون” هذا النظام، حيث يغذي بيانات التتبع الحيوية لمراكز القيادة ووحدات الدفاع الجوي. بدونه، تتضاءل قدرة نظام إس-500 على رصد واعتراض التهديدات الواردة بشكل كبير، مما يكشف عن ثغرات في البنية التحتية الدفاعية الروسية فوق شبه جزيرة القرم، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية.

إن إزالة هذا الرادار لا تُضعف الموقف الدفاعي لروسيا في شبه جزيرة القرم فحسب، بل تُعطل أيضًا قدرتها على الرد السريع على أي توغلات جوية محتملة، مما قد يُشجع القوات الأوكرانية على استهداف أصول روسية حيوية أخرى في المنطقة.

تداعيات أوسع على الدفاع الروسي

 

تُعدّ ضربة ينيسي جزءًا من استراتيجية أوكرانية أوسع نطاقًا لاستهداف وتحييد أنظمة الرادار والصواريخ الرئيسية بشكل منهجي. بتعطيل أنظمة الرادار التي تدعم الدفاعات الصاروخية الروسية، تُضعف أوكرانيا شبكة الدفاع الجوي لموسكو، مما يُصعّب على روسيا اكتشاف التهديدات الواردة وتحييدها. وقد أثبتت وحدات خاصة أوكرانية، مثل أرتان، نجاحًا في استخدام الضربات الدقيقة، بما في ذلك طائرات بدون طيار مُوجهة للشخص الواحد، لضرب المركبات العسكرية ومستودعات الذخيرة ومراكز القيادة، مما يُعيق فعالية العمليات الروسية بشكل أكبر.

مع تكبد روسيا خسائر فادحة في قدراتها الرادارية، بما في ذلك تدمير عدة طائرات إنذار مبكر من طراز بيريف A-50U، تُعدّ ضربة ينيسي خطوة أخرى نحو إضعاف قدرتها على الحفاظ على مراقبة كاملة للأراضي المتنازع عليها مثل شبه جزيرة القرم. ومع تزايد صعوبة استبدال أنظمة الرادار وحمايتها، تُجبر روسيا بشكل متزايد على تبني موقف دفاعي أكثر، مما يحد من قدرتها على الاستجابة للتهديدات سريعة التطور.

شبكة الرادار الروسية تحت الضغط

تشير التقارير إلى أن روسيا فقدت بالفعل جزءًا كبيرًا من قدراتها الرادارية منذ بداية الحرب، بما في ذلك طائرة A-50U عالية القيمة. وقد دفعت هذه الخسائر إلى تحول في التكتيكات العسكرية الروسية، حيث أُبقيت الأصول المتبقية بعيدًا عن خطوط المواجهة لتجنب التدمير. ويمثل هذا الانخفاض في تغطية الرادار ميزة استراتيجية لأوكرانيا، التي يمكنها الآن استغلال ثغرات شبكة المراقبة الروسية.

علاوة على ذلك، يُبرز تدمير رادار ينيسي الصعوبة التي تواجهها روسيا في الحفاظ على تفوقها التكنولوجي في الدفاع الجوي. ويؤدي فقدان كل رادار إلى إضعاف قدرتها على التحكم في السماء، مما يجعل روسيا أكثر عرضة للضربات عالية الدقة التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على البنية التحتية الحيوية مثل القواعد الجوية وبطاريات الصواريخ ومراكز القيادة.

التحول الاستراتيجي والتكاليف طويلة الأجل

 

يُؤتي نهج أوكرانيا في استهداف أصول الرادار الروسية عالية القيمة ثماره. فمن خلال إضعاف قدرة روسيا على كشف التهديدات والرد عليها، تُهيئ أوكرانيا بيئة عملياتية تُمكّنها من توجيه ضربات أكثر فعالية. يُمثل فقدان رادار ينيسي ضربة موجعة لنظام الدفاع الروسي في شبه جزيرة القرم، ولكنه يُشير أيضًا إلى تحول استراتيجي أوسع نطاقًا، حيث تُركز أوكرانيا بشكل متزايد على تفكيك مكونات المظلة الدفاعية الروسية.

مع كل ضربة ناجحة، تكتسب القوات الأوكرانية مزيدًا من الثقة، بينما تُصبح دفاعات روسيا أقل قدرة على تحييد التهديدات سريعة التطور. والآثار طويلة الأجل واضحة: فمع استمرار أوكرانيا في إضعاف أنظمة الرادار والصواريخ الروسية، ستتعرض قدرة موسكو على حماية مجالها الجوي والرد على التوغلات لمزيد من الضعف، مما يُعيد تشكيل ديناميكيات ساحة المعركة لصالح أوكرانيا.

ضربة استراتيجية لروسيا

 

لا يُعد تدمير رادار ينيسي مجرد نصر رمزي لأوكرانيا، بل يُمثل تحولاً حاسماً في ميزان القوى في شبه جزيرة القرم. فمن خلال استهدافها الممنهج لأنظمة الدفاع الروسية المتطورة، تُضعف أوكرانيا قدرات موسكو الدفاعية وتُكلفها تكلفة استراتيجية طويلة الأجل. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فستستمر شبكة الدفاع الجوي الروسية في التناقص، مما يمنح أوكرانيا مساراً واضحاً بشكل متزايد لتعطيل سيطرة روسيا على المناطق المتنازع عليها، مثل شبه جزيرة القرم. تُبرز هذه الضربة، إلى جانب نجاحات أخرى حديثة، قدرة أوكرانيا المتنامية على تحدي الأنظمة العسكرية الروسية المتقدمة، مما يُغير مسار الصراع.

إقرأ ايضَا…

الحرب في أوكرانيا: الاروبيون يدعون للضغط على روسيا قبل محادثات ترامب-بوتين

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى