الوكالات

75% من الأوكرانيين يؤيدون وقف إطلاق النار بشرط ضمانات أمنية دولية

في خضمّ الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، تكشف استطلاعات الرأي الأخيرة عن مزاج عام يميل نحو السلام ولكن بحذر شديد. فبينما يشتدّ القتال وتستمرّ موسكو في استهداف البنية التحتية المدنية، يتطلع الشارع الأوكراني إلى حلول تفاوضية، لكن بشرط واضح: ضمانات أمنية قوية تكفل حماية البلاد من أي اعتداءات مستقبلية.

أظهر استطلاع أجراه مركز Rating Group في الفترة ما بين 21 و23 أغسطس 2025 أن 75% من الأوكرانيين يوافقون على وقف إطلاق النار فقط إذا توافرت ضمانات أمنية دولية، وهو ما يعكس رغبة شعبية في إنهاء النزاع مع الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن والسيادة.

أولويات الأمن والضمانات المطلوبة

أوضح المشاركون في الاستطلاع أن السلام لا يمكن أن يتحقق دون مظلة حماية دولية. فجاءت المطالب الأساسية بثلاثة عناصر رئيسية:

استمرار التمويل وتوريد الأسلحة من الشركاء الغربيين (52%).

التزام الحلفاء بالتدخل العسكري إذا شنت روسيا هجومًا جديدًا (48%).

نشر قوات دولية لمراقبة المجالين الجوي والبحري الأوكراني (44%).

هذه النتائج تؤكد أن الرأي العام الأوكراني يرى أن أي اتفاق هدنة بلا أدوات ردع سيكون هشًّا وعرضة للانهيار.

التمويل العسكري يتقدّم على استعادة الأراضي

وعند سؤال الأوكرانيين عن الأولويات الوطنية المباشرة، رأى 58% أن الأهم هو ضمان استمرار الدعم المالي والعسكري من الخارج، بينما اعتبر 31% فقط أن استعادة الأراضي المحتلة يجب أن تكون الأولوية القصوى.

هذا التباين يوضح أن البقاء والصمود العسكري يأتي في مقدمة الأولويات الشعبية، حتى ولو على حساب ملف الأراضي مؤقتًا.

المفاوضات خيار واقعي لإنهاء الحرب

رغم قسوة المعارك، فإن 82% من المستطلعة آراؤهم يؤمنون بإمكانية إنهاء الحرب عبر المفاوضات. كما أبدى 62% استعدادهم لقبول وساطة أطراف دولية في محادثات السلام، مقابل 20% يفضلون التفاوض المباشر مع روسيا.

يعكس ذلك إدراكًا واسعًا بأن الحل العسكري وحده لن ينهي الصراع، وأن الطاولة الدبلوماسية ستظل مسارًا لا مفرّ منه.

استبعاد المناطق المحتلة من العينة

الاستطلاع شمل عينة عشوائية من 1,600 مواطن، تم التواصل معهم عبر مقابلات هاتفية. ولم يشمل الأشخاص المقيمين في القرم ودونباس والمناطق الخاضعة للاحتلال الروسي أو خارج التغطية الهاتفية الأوكرانية. وهذا يفسّر أن النتائج تعبّر بالأساس عن المزاج العام في المناطق الواقعة تحت سيطرة كييف.

هوة بين كييف وموسكو

في حين يظهر المجتمع الأوكراني استعدادًا حذرًا للتوصل إلى اتفاقات سلمية، فإن الموقف الروسي لا يعكس المرونة نفسها. فقد أكّد القادة العسكريون في موسكو أنهم سيواصلون الحرب حتى تحقيق أهدافهم الميدانية، فيما تواصل القوات الروسية ضرب المدن والمنشآت المدنية.

هذه الهوة في المواقف تضعف فرص نجاح أي مفاوضات في المدى القريب، رغم الرغبة الشعبية المتنامية لدى الأوكرانيين في إيجاد مخرج دبلوماسي.

تحليل هذه النتائج يوضح أن المجتمع الأوكراني يقف بين خيارين متوازيين: الرغبة في إنهاء الحرب لتخفيف الأعباء الإنسانية والاقتصادية، والتمسك بوجود شبكة حماية دولية تحول دون تكرار السيناريو المأساوي لهجوم روسي جديد. أما التحدي الحقيقي، فيكمن في غياب إرادة مماثلة لدى الكرملين للجلوس على طاولة الحوار بجدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى