نيبال تتراجع عن حظر وسائل التواصل بعد احتجاجات دامية ومطالبة بالحرية

تراجعت الحكومة النيبالية عن قرار حظر وسائل التواصل الاجتماعي بعد يوم دامٍ شهد إطلاق الشرطة النار على محتجين معظمهم من الشباب، ما أسفر عن مقتل 19 شخصًا وإصابة المئات في احتجاجات ضد الحكومة. الحظر كان قد أثار موجة غضب واسعة أمام البرلمان، ما دفع المسؤولين إلى التراجع وإعلان تحقيق في الحادث.
أسباب الاحتجاجات
الاحتجاجات جاءت نتيجة لحظر الحكومة الأسبوع الماضي الوصول إلى 26 منصة تواصل اجتماعي، بما فيها فيسبوك وإنستغرام، بسبب عدم امتثالها لعملية تسجيل إلزامية. الشباب، خصوصًا جيل “Gen-Z”، اعتبروا القرار محاولة للحد من حرياتهم الرقمية، وهو ما أشعل المظاهرات أمام البرلمان في كاتماندو.
التداعيات السياسية
الأحداث أدت إلى هز حكومة رئيس الوزراء خادغا براساد شارما أولي، الذي يبلغ من العمر 73 عامًا، إذ قدم وزراء في الحكومة استقالاتهم، بينهم وزير الداخلية ورئيس وزارة الزراعة، متهمين الحكومة بارتكاب “جرائم قتل ضد الأطفال الصغار”. هذا الاضطراب يزيد من تعقيدات الائتلاف الحاكم ويظهر التوتر بين الأحزاب المختلفة، بما في ذلك الحزب الشيوعي الأكبر في البلاد وحزب المؤتمر النيبالي.
خلفية اجتماعية واقتصادية
نيبال تواجه حالة طويلة من عدم الاستقرار السياسي والعنف منذ عقود. الاحتجاجات الأخيرة تعكس استياء الشباب من الفساد والمحسوبية ونقص الفرص الاقتصادية، مع اعتماد كبير على التحويلات المالية من المغتربين. محللون محليون وصفوا المظاهرات بأنها “صرخة يائسة للتغيير من شباب متعلم وغيّر قيادات مسنّة لا تواكب طموحاتهم”.
الردود الإقليمية والدولية
الهند، الشريك التجاري الأكبر لنيبال، تتابع الوضع عن كثب وعبرت عن حزنها لفقدان الأرواح الشابة. في الوقت نفسه، تواصل الصين استثماراتها في البنية التحتية للبلاد، ما يجعل البلاد ساحة لتنافس النفوذ بين الجارتين الآسيويتين.
تراجع الحكومة عن حظر وسائل التواصل جاء بعد ردود فعل عنيفة من الشباب، ويعكس عمق الاستياء السياسي والاجتماعي في نيبال. الحادثة تشير إلى الحاجة الملحة لإصلاحات سياسية وإدارية لمعالجة الفساد وإعادة بناء الثقة بين الشباب والقيادات الحاكمة، وإلا فإن البلاد ستبقى عرضة لتصاعد الغضب الشعبي في المستقبل.