بولندا تقترب من مواجهة عسكرية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية

تشهد أوروبا الشرقية تصاعدًا خطيرًا في التوترات الأمنية بعد إعلان بولندا أن مجالها الجوي تعرض لاختراق واسع النطاق من طائرات مسيّرة روسية. وأكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن بلاده أصبحت أقرب إلى صراع عسكري لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية، وفق ما أوردته جريدة The Guardian. هذه التطورات أثارت قلقًا واسعًا داخل الناتو، حيث تبحث وارسو وحلفاؤها عن رد حاسم على الانتهاكات الروسية. في المقابل، اتخذت الحكومة البولندية إجراءات عاجلة، شملت إغلاق مطارات وإطلاق الدفاعات الجوية، بينما تتزايد المخاوف من انزلاق الموقف إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.
هجوم بطائرات مسيّرة وانتهاك للمجال الجوي
شهدت بولندا 19 خرقًا لمجالها الجوي خلال ليلة واحدة، بعضها من داخل الأراضي البيلاروسية. وأسقطت الدفاعات الجوية البولندية، بمساندة طائرات حلف الناتو ومنها مقاتلات هولندية F-35، ثلاثة مسيّرات على الأقل. وأدى ذلك إلى إغلاق أربعة مطارات رئيسية، من بينها مطاران في العاصمة وارسو. الحادثة وصفت بأنها أخطر اعتداء على أراضي الناتو منذ الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا عام 2022، ما يعكس اتساع دائرة النزاع وارتفاع احتمالات التصعيد.
تصريحات توسك وتحذير من سيناريوهات خطيرة
قال رئيس الوزراء دونالد توسك إن بلاده تواجه “استفزازًا واسع النطاق”، وإن الحكومة تستعد لمواجهة مختلف السيناريوهات. وأكد أن الأمر لا يمكن تفسيره بأخطاء فنية، نظرًا لحجم وتكرار الاختراقات، بل هو محاولة واضحة من موسكو لاختبار صلابة الناتو. ورغم وصفه الوضع بالخطير، شدد توسك على أنه “لا يوجد سبب للذعر”، داعيًا المواطنين للثقة في قدرة التحالف على الردع.

ردود فعل أمريكية وأوروبية
أشارت The Guardian إلى أن واشنطن أعلنت دعمها الكامل لوراسو، حيث أكد السفير الأمريكي لدى الناتو أن بلاده ستدافع عن “كل شبر من أراضي الحلف”. كما أعلن البيت الأبيض عن محادثة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس البولندي كارول ناوروكي. من جهته، أوضح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن بلاده تبحث مع الحلفاء خيارات لتعزيز الدفاع الجوي فوق بولندا. هذه الردود أظهرت تصميمًا غربيًا على مواجهة أي تهديد روسي قد يمتد إلى داخل الناتو.
كييف تدعو الناتو إلى الرد الحازم
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حذر من أن موسكو تجاوزت “خطًا جديدًا” في التصعيد باستهدافها بولندا بثماني طائرات هجومية من طراز “شاهد”. وقال إن صمت الناتو سيشجع الكرملين على المزيد من الاستفزازات، مطالبًا برد قوي. كما كشف أن أوكرانيا تعرضت في الليلة نفسها لأكثر من 400 مسيّرة و40 صاروخًا، ما تسبب في سقوط قتيل بمقاطعة جيتومير، مؤكدًا أن الهجوم على بولندا لم يكن حادثًا عرضيًا بل عملية منظمة.
الموقف الروسي ومحاولة التنصل
أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانًا أكدت فيه عدم وجود نية لاستهداف الأراضي البولندية، مقترحة إجراء محادثات مع وارسو. لكن القائم بالأعمال الروسي في بولندا وصف الاتهامات بأنها “لا أساس لها”. بالمقابل، شدد وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي على أن وارسو “لا تشك إطلاقًا” في أن الهجوم متعمد، مستبعدًا أن يكون الأمر مجرد خلل تقني، خاصة مع تسجيل 19 خرقًا جويًا في وقت واحد.

استدعاء المادة 4 وتصاعد المخاوف
ذكرت The Guardian أن بولندا لجأت إلى المادة 4 من معاهدة الناتو، التي تتيح لأي عضو طلب مشاورات عاجلة عند تعرض أمنه للخطر. هذه الخطوة النادرة عكست إدراك وارسو لخطورة الموقف، خصوصًا مع اقتراب مناورات روسية-بيلاروسية واسعة تحت اسم “زاباد”. في الوقت ذاته، جدد وزير الخارجية الأوكراني دعوته لدول الجوار بإسقاط المسيّرات والصواريخ الروسية فوق الأجواء الأوكرانية لحماية الأمن الجماعي، رغم خشية هذه الدول من الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.
اقرأ أيضاً
بعد الضربات الإيرانية.. الولايات المتحدة تطور قنابل خارقة للتحصينات من جيل جديد
تداعيات إقليمية متصاعدة
تسببت الهجمات في إغلاق مطار شوبين الدولي بوارسو، أكبر مطارات بولندا، وتحويل رحلات دولية، بينها طائرة صينية قادمة من بكين إلى كوبنهاغن. كما تعرضت العاصمة الأوكرانية كييف لضربة بصاروخ “إسكندر” استهدف مبنى مجلس الوزراء. هذه التطورات تعكس هشاشة الوضع الأمني في المنطقة، وتزيد المخاوف من احتمال انزلاق الناتو وروسيا إلى مواجهة مباشرة قد تهدد استقرار القارة الأوروبية بأسرها، بحسب ما ختمت The Guardian تقريرها.
http://https://youtu.be/U064rQzDWV4?t=7