الاقتصاد

الحل السويسري: كيف يستفيد UBS من بطء السياسية في برن ؟

"البطء السويسري يمنح UBS وقتًا للتفاوض"

رغم التوتر المتصاعد في سويسرا بشأن مستقبل بنك UBS، يبدو أن “الحل السويسري” الكلاسيكي — القائم على البطء، والبراغماتية، والسعي إلى التوافق — يلوح في الأفق. فبينما تواجه المؤسسة المالية العملاقة ضغوطًا لزيادة احتياطاتها الرأسمالية بقيمة قد تصل إلى 26 مليار دولار، تشير المؤشرات إلى أن المسار السياسي المتدرج قد يمنحها وقتًا ومساحة أكبر للتفاوض.

 

غضب ما بعد الانهيار

منذ انهيار بنك كريدي سويس في 2023، تعيش سويسرا حالة من الحساسية المفرطة تجاه أي خطر يمس نظامها المصرفي. فثقة المواطنين تضررت، والجهات التنظيمية، وعلى رأسها هيئة السوق المالية “فينما”، تحاول استعادة مصداقيتها. في هذا السياق، ترى الحكومة أن زيادة متطلبات رأس المال لبنك UBS أمر حتمي لتفادي تكرار سيناريو الانهيار.

المفارقة أن UBS لم يكن هو السبب في الأزمة، بل تم تشجيعه من قبل الدولة لإنقاذ منافسه المنهار. ومع ذلك، يواجه اليوم عبء التعديلات التنظيمية الجديدة وكأنها ثمن “الإنقاذ”.

إصلاح شامل: ليس مجرد قواعد رأسمالية

ما يُثار اليوم في النقاشات البرلمانية ليس فقط قواعد رأس المال، بل حزمة إصلاحات كاملة تحت اسم “أكبر من أن يفشل” (Too Big to Fail). هذه الإجراءات تتضمن:

تعزيز متطلبات السيولة.

توسيع صلاحيات “فينما”.

وضع قيود على العمليات الخارجية للبنوك.

الخطة تتضمن تطبيق التعديلات على رأس المال بدءًا من 2028، مع فترة انتقالية تتراوح بين 6 و8 سنوات للبنك لتطبيقها.

 

انتكاسة حكومية… وفرصة للبنك

الخطة الأصلية كانت تمرير الإصلاحات مباشرة عبر مرسوم فيدرالي دون الرجوع للبرلمان. لكن وزارة المالية غيرت موقفها وقررت إحالة المسألة إلى البرلمان، معتبرة إياها شديدة الأهمية، وهو ما يعني مسارًا سياسيًا أطول وأبطأ.

 

ومؤخرًا، أصدرت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب السويسري قرارًا يدعو إلى تعليق كافة الإجراءات حتى يتم تقديم الحزمة كاملة للبرلمان. وإذا حذت لجنة مجلس الشيوخ حذوها — وهو ما قد يحدث في أغسطس — فإن المشروع سيخضع لمراجعة برلمانية شاملة بحلول سبتمبر، مما يمنح UBS أفضلية استراتيجية.

لماذا يُعتبر هذا مكسبًا لـ UBS؟

1. المزيد من الوقت… والمزيد من البرودة

مع مرور الوقت، تخفّ حدة العاطفة السياسية المرتبطة بانهيار كريدي سويس. وتتحول الأولويات إلى ملفات دولية أخرى مثل الحرب، والرسوم الجمركية، والانتخابات الأمريكية. هذا يُقلل من الضغط على النواب لاتخاذ موقف صارم تجاه UBS، خصوصًا في وقت اقتصادي شديد التقلب.

 

2. مجال أوسع للمناورة

بما أن الإصلاحات ستُناقش كحزمة واحدة، سيكون من الأسهل تعديل أجزاء منها، والمقايضة بين عناصرها. بمعنى آخر: لم تعد المسألة تدور فقط حول زيادة رأس المال، بل يمكن إدخال تعديلات “هامشية” في قضايا أخرى كوسيلة لتحقيق التوازن، وهو ما يمنح UBS مساحة للضغط والكواليس.

 

هل التسوية تعني الاستقرار؟

الأمر يتوقف على وجهة النظر:

 

للبنك: التباطؤ جيد. صحيح أن سعر السهم انخفض 3٪ هذا العام (مقارنة بـ35٪ مكاسب للبنوك الأوروبية)، لكن القليل من عدم اليقين قد يكون ثمنًا مقبولًا إذا أسفر عن تسوية أفضل.

 

للدولة: أي تراجع عن الصرامة قد يفسّر على أنه تهاون مع مؤسسة بحجم “أكبر من أن تُفشل”، ويضر بمصداقية الجهات التنظيمية.

 

للمواطنين: لا تزال ذكرى كريدي سويس حاضرة. والرهان على الوقت لن يكون سهل التبرير أمام دافعي الضرائب.

 

خلاصة: هل يفوز البطء السويسري؟

ما يميز النظام السياسي السويسري هو التشاور والبطء والتدرج. في هذه القضية، قد تتحول هذه الخصائص إلى ورقة رابحة في يد UBS، لا سيما إذا أسفر تأخير التنفيذ والتشريع عن تسوية متوازنة تحفظ سمعة المركز المالي دون إرهاق البنك بالتزامات قد تعرقل نشاطه العالمي.

 

لكن المعركة لم تُحسم بعد. كل ما في الأمر أن الطريق نحو التسوية صار مفتوحًا… على الطريقة السويسرية.

اقرأ أيضاً

فاينشال تايمز : أبل تقتحم عالم الفورمولا 1:نجاح فيلم براد بيت يشعل سباق البث مع ESPN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى