تقارير التسلح

ازمه تكلفة مفاجئة تهدد صفقة ال F-35 في سويسرا

 

تواجه الحكومة السويسرية مأزقاً في تنفيذ عقد شراء مقاتلات F-35A من شركة لوكهيد مارتن الأميركية، بعدما تبيّن أن الصفقة ستكون أكثر كلفة بكثير مما كان مخططاً له عند توقيعها عام 2022. في البداية، اتفقت برن على شراء 36 مقاتلة بسعر ثابت قدره 6 مليارات فرنك سويسري (7.55 مليار دولار تقريباً)، يشمل الطائرات والتجهيزات اللوجستية والتدريب والذخيرة والبنية التحتية، على أن يبدأ التسليم بين عامي 2027 و2030.

غير أن المفاوضات بين سويسرا والولايات المتحدة لم تنجح في تثبيت السعر، لتعلن الحكومة في أغسطس 2025 أن التكلفة سترتفع بما يتراوح بين 650 مليون و1.3 مليار فرنك إضافية (817 مليون – 1.63 مليار دولار)، وهو ما يعكس تأثير التضخم وارتفاع أسعار المواد الخام واضطرابات سلاسل التوريد.

أسباب الزيادة وتداعياتها

وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أشارت إلى أن الضغوط الاقتصادية العالمية، إلى جانب الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب السابقة، كانت وراء هذه الزيادة في تكلفة إنتاج الـ F-35. هذه التطورات وضعت الحكومة السويسرية في موقف حرج، خاصة وأن استفتاءً شعبياً عام 2020 وافق بأغلبية ضئيلة (50.1%) على شراء مقاتلات جديدة بسقف مالي محدد قدره 6 مليارات فرنك.

ردود فعل سياسية وشعبية

ورغم تأكيد الحكومة السويسرية التزامها بالصفقة، إلا أنها أوضحت أن النقاش الدائر اليوم لا يتعلق باستمرار المشروع من عدمه، بل بكيفية التعامل مع التكلفة المتزايدة. المتحدث باسم وزارة الدفاع كاي-غونار سيفرت صرّح أن الخيار المطروح هو إعادة تقييم حجم الأسطول والمواصفات، وليس إلغاء العقد أو البحث عن بديل.

لكن الأحزاب المعارضة لم تفوّت الفرصة للتشكيك في الصفقة. فقد دعا بعضهم إلى إجراء استفتاء جديد “ليتمكن الشعب من وقف عملية الشراء”، بحسب ما أعلن قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

التوتر لا يقف عند حدود الصفقة العسكرية، إذ فرضت الولايات المتحدة على سويسرا أعلى رسوم جمركية في أوروبا بنسبة 39%، ما تسبب في تآكل الثقة السياسية بين البلدين. المجلس الفدرالي السويسري، وهو الهيئة التنفيذية الجماعية في البلاد، أعرب عن “أسفه الشديد” لهذه الإجراءات ووصفها بأنها عقوبات مجحفة. هذا المناخ السياسي المعقد يزيد من صعوبة تمرير أي زيادة في تكاليف شراء المقاتلات.

لجان تحقيق وخيارات مفتوحة

في مواجهة هذه الأزمة، شكّل البرلمان لجنة خاصة للتدقيق في ملابسات العقد، على أن تقدم تقريرها بحلول نوفمبر المقبل. وتهدف اللجنة إلى معرفة ما إذا كان هناك سوء تفاهم أو خلل في المفاوضات مع الجانب الأميركي عند توقيع الاتفاق.

إلى جانب ذلك، أنشأت وزارة الدفاع فريق عمل عسكري لمراجعة المتطلبات الدفاعية لسويسرا التي وُضعت عام 2017، والتأكد من مدى الحاجة إلى كامل عدد الطائرات المخطط شراؤه. ووفق تصريحات سيفرت، فإن جميع السيناريوهات مطروحة باستثناء الانسحاب من العقد أو إعادة إطلاق عملية شراء جديدة، ما يعني أن الخيار الأكثر ترجيحاً سيكون تخفيض عدد المقاتلات المشتراة.

مستقبل الدفاع الجوي السويسري

مع تقادم أسطول مقاتلات F/A-18C/D هورنت الذي دخل الخدمة في التسعينيات، تبقى الحاجة إلى مقاتلات جديدة ملحّة. غير أن الضغوط الاقتصادية والسياسية قد تدفع سويسرا لإعادة صياغة خططها الدفاعية، بحيث تجمع بين تعزيز قدراتها الجوية والسيطرة على النفقات.

اقرا ايضا

القاهره والرياض ترسمان ملامح جديده لأمن الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى