الوكالات

ترامب يصعّد نبرته: اتفاق سلام قريب أو انسحاب أمريكي من وساطة أوكرانيا

في تحول لافت بالموقف الأمريكي من الحرب في أوكرانيا، لوّح الرئيس دونالد ترامب بإمكانية تخلّي الولايات المتحدة عن دورها كوسيط في مفاوضات السلام بين كييف وموسكو، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال فترة وجيزة. التصريحات، التي أطلقها من واشنطن، تعكس تصاعد نفاد الصبر في البيت الأبيض إزاء الجمود السياسي والعسكري المستمر على الجبهة الأوكرانية.

وقال ترامب بنبرة حادة: “إذا جعل أحد الطرفين الأمور صعبة، سنقول ببساطة: أنتم حمقى، وسنأخذ خطوة إلى الوراء”. وأضاف: “لا أضع مهلة محددة بالأيام، لكننا نريد إنجاز هذا بسرعة”.

الموقف الأمريكي الجديد يأتي وسط توقف شبه كامل للمساعدات العسكرية الأمريكية إلى كييف، ووسط تقارير عن خطة سلام أمريكية تُبقي الأراضي التي تسيطر عليها روسيا تحت سيادتها، مقابل وقف إطلاق النار. وبينما تتصاعد الضغوط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لا تزال موسكو متشبثة بمطالبها، ما يجعل فرص التوصل إلى تسوية سريعة موضع شك كبير.

انسحاب وشيك من الوساطة الأمريكية

تصريحات ترامب جاءت مدعومة بكلمات من وزير الخارجية ماركو روبيو الذي أوضح من باريس أن واشنطن “مستعدة للمغادرة في غضون أيام” إن لم تلمس تقدمًا ملموسًا. وقال: “لسنا من بدأ هذه الحرب، وإذا لم يكن هناك اتفاق في الأفق، فقد حان وقت الانسحاب”.

ورغم تأكيد روبيو على استمرار اهتمام ترامب بالتوصل إلى صفقة، إلا أنه أشار إلى أن البيت الأبيض لديه أولويات أخرى حول العالم. موقف اعتبره مراقبون أوضح مؤشر حتى الآن على رغبة الإدارة الأمريكية في إنهاء دورها الدبلوماسي في هذا الملف.

دعم عسكري يتلاشى وتحول في السياسة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد هذا الأسبوع أن المساعدات العسكرية الأمريكية “توقفت عمليًا”، في حين واصل ترامب نهجًا متسامحًا مع موسكو، ممتنعًا عن فرض عقوبات جديدة أو توجيه انتقادات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

بل إن بعض كبار المسؤولين الأمريكيين، مثل المبعوث الخاص ستيف ويتكوف الذي أجرى محادثات مع بوتين مؤخرًا، تبنوا خطابًا يتماهى مع روايات الكرملين، بحسب تقارير صحفية.

خطة سلام مثيرة للجدل: تجميد النزاع ومنع انضمام أوكرانيا للناتو

الخطة الأمريكية المقترحة، وفقًا لتقارير بلومبيرغ، تنص فعليًا على تجميد النزاع عند خطوط الجبهة الحالية، مما يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها. كما تتضمن منع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهو مطلب أساسي لموسكو.

ومن المقرر أن تُستأنف المحادثات الأسبوع المقبل في لندن، وسط تأكيد أمريكي أن الخطة لن تكون قابلة للتنفيذ دون وقف فوري للقتال، وضمانات أمنية ملزمة لكييف.

صفقة المعادن: خطوة نحو إعادة الإعمار أم ضغط مالي جديد؟

في تطور منفصل، وقّعت أوكرانيا مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن صفقة معادن مثيرة للجدل. وتشير المسودة إلى تأسيس صندوق استثماري لإعادة الإعمار، مع زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال إلى واشنطن لعقد محادثات تقنية نهائية.

لكن تفاصيل الصفقة لا تزال غامضة، خصوصًا فيما يتعلق بمطلب البيت الأبيض بأن تسدد أوكرانيا تكاليف المساعدات العسكرية السابقة، وهو ما يرفضه زيلينسكي الذي يؤكد أن تلك المساعدات كانت “هبات” أقرها الكونغرس الأمريكي.

معركة الروايات: من يمن على من؟

الرئيس ترامب كرر مؤخرًا أن أوكرانيا “مدينة” للولايات المتحدة بمبلغ 300 مليار دولار، في حين يرفض الجانب الأوكراني هذه الصيغة ويصر على أن أي شراكة مستقبلية يجب أن تقوم على “الندية”.

ويرى مراقبون أن الهدف الخفي من الصفقة هو تمكين شركات السلاح الأمريكية من الوصول إلى معادن نادرة تستخدم في صناعة الأسلحة، وسط قيود صينية متزايدة على تصدير هذه الموارد الاستراتيجية.

التصعيد مستمر على الأرض: روسيا تضرب المدنيين مجددًا

في الميدان، تواصل روسيا تصعيدها العسكري، حيث شنت هجمات صاروخية على مدن خاركيف ودنيبرو وميكولايف، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم أطفال. واستخدمت موسكو صواريخ باليستية مزودة بذخائر عنقودية، وفقًا لتصريحات مسؤولين محليين.

وقال زيلينسكي إن روسيا بدأت يوم الجمعة العظيمة بـ”الصواريخ والدرونز والانفجارات – تشوه مدننا وشعبنا”، في إشارة إلى تصعيد الهجمات تزامنًا مع الأعياد الدينية.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي خارجي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. يتمتع بخبرة واسعة في التغطية والتحليل، وعمل في مواقع وصحف محلية ودولية. شغل منصب المدير التنفيذي لعدة منصات إخبارية، منها "أخباري24"، "بترونيوز"، و"الفارمانيوز"، حيث قاد فرق العمل وطور المحتوى بما يواكب التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى