الوكالات

ترامب وماسك يرسخان رأسمالية الكارثة – لكن لديّ خطة لمواجهتها

تحت إدارة ترامب-ماسك، تجتاح موجة من الإقالات وإلغاء التمويلات الحكومية المؤسسات الأمريكية، من الجامعات إلى المنظمات الصحية، بوتيرة مذهلة تجعل من الصعب تتبع حجم الدمار، ناهيك عن تنظيم رد فعل فعال. هذه الفوضى ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية مدروسة.

يمكن تتبع هذه الهجمة إلى مستشار ترامب، “التسريعي” ستيف بانون، الذي يعتمد على تكتيك “إغراق الساحة” بالمعلومات المضللة لخلق حالة من الارتباك والتشتيت. سواء كان الأمر متعلقًا بالمناخ أو جائحة كورونا، تنتشر الشائعات ونظريات المؤامرة، مما يجعل الرأي العام فريسة سهلة لرسائل ترامب المبسطة: إلقاء اللوم على المهاجرين، الأقليات، العلماء، وغيرهم. امتلاك ماسك لمنصة “تويتر/X” يصب في مصلحة هذا النهج.

ما نشهده اليوم هو تحالف غير مسبوق بين اثنين من أقوى اللاعبين في عالم ترامب: مؤسسة “هيريتدج” المدعومة من شركات الوقود الأحفوري، وقطاع التكنولوجيا. خطة “Project 2025” التي أعدتها المؤسسة ترسم ملامح العام الأول من ولاية ترامب. أما في قطاع التكنولوجيا، فإن أصحاب المليارات مثل بيتر ثيل يدفعون باتجاه “إعادة تشغيل” الأنظمة السياسية، لتحل محل الديمقراطية منظومة أكثر توافقًا مع مصالحهم.

التحرر من القيود: خطوات نحو مستقبل خالٍ من الاستبداد

في ظل هذه التغييرات، تُلغى الهيئات التنظيمية، وتتحرر العملات المشفرة من أي رقابة، وتُخفض الميزانيات لصالح عقود شركات ماسك مثل “سبيس إكس” و”ستارلينك”، بينما يتم استبدال الموظفين الحكوميين ببرامج الذكاء الاصطناعي.

ما يجري هو تطور خطير لما يُعرف بـ”رأسمالية الكارثة”، والتي تتجاوز “رأسمالية الكوارث” التي وصفتها نعومي كلاين في كتابها عقيدة الصدمة. هذه النسخة الجديدة أكثر سرعة وتدميرًا، ولا تهتم حتى بادعاء أنها تخدم المصلحة العامة. أصبح الربح ممكنًا عبر استغلال الأزمات بدلاً من الحاجة إلى اقتصادات مزدهرة، بينما يتحول المواطنون إلى قوة عاملة خاضعة بفعل الفقر والديون.

في مواجهة هذا الواقع، علينا اتخاذ خطوات فاعلة:

إدراك طبيعة العدو: علينا فهم الجهات التي تقف وراء هذا التوجه، من مراكز أبحاث الوقود الأحفوري إلى أصحاب المليارات الذين يدفعون نحو تفكيك الديمقراطية. المعرفة قوة، ويجب استبدال الخوف بالعزيمة.

التنظيم الجماعي: العزلة الفردية التي زرعها النظام النيوليبرالي تعيق قدرتنا على المقاومة. يجب أن ننظم أنفسنا في النقابات، والمجتمعات المحلية، وأي شكل من أشكال التضامن الجماعي.

وضع رؤية بديلة: لا يمكننا الاكتفاء بالرد على كل خطوة تخريبية، بل علينا تقديم نموذج إيجابي لما نريد تحقيقه – نظام ديمقراطي قائم على العلم والمصلحة العامة، مع بناء شبكات دعم تحمي الفئات الأكثر ضعفًا.

إن لم نتحرك الآن، سنخسر كل شيء، لكن إن تحركنا، فلدينا كل شيء لنكسبه.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي خارجي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. يتمتع بخبرة واسعة في التغطية والتحليل، وعمل في مواقع وصحف محلية ودولية. شغل منصب المدير التنفيذي لعدة منصات إخبارية، منها "أخباري24"، "بترونيوز"، و"الفارمانيوز"، حيث قاد فرق العمل وطور المحتوى بما يواكب التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى