الوكالات

الاتحاد الأوروبي يُجمّد ردوده الجمركية مؤقتاً بينما يُصعّد ترامب المواجهة مع الصين

خطوة أوروبية لتهدئة الأجواء وفتح نافذة تفاوض مع واشنطن

أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق إجراءاته المضادة ضد الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً، في محاولة لمنح المفاوضات التجارية مع واشنطن فرصة للنجاح، وذلك على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم.

ووفًأ لصحيفة بوليتيكو صرحت  رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في بيان لها الخميس: “نريد أن نعطي الحوار فرصة”، مؤكدة أن الاتحاد سيُبقي على استعداداته لاتخاذ خطوات انتقامية، لكنه سيُجمّد تنفيذها مؤقتاً لإفساح المجال أمام التفاوض.

وكان ترامب قد خفّف من حدة إجراءاته التصعيدية الأربعاء، بعد أن أعلن في وقت سابق عن فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي. إلا أنه عدّل هذا القرار ليخفض النسبة إلى 10%، تماشياً مع النسبة التي فرضها على غالبية دول العالم، في خطوة مفاجئة ترافقت مع تصعيد حاد تجاه الصين، حيث رفع الرسوم الجمركية على وارداتها إلى 125%، مما زاد من التوتر بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.

الخطوة الأوروبية جاءت بعد اجتماع طارئ لسفراء دول الاتحاد صباح الخميس، حيث ناقشوا كيفية الرد على الخطوة الأميركية. وكانت الدول الأعضاء قد أبدت دعماً واسعاً لإجراءات مضادة تستهدف صادرات أميركية بقيمة 21 مليار يورو، تشمل منتجات زراعية وصناعية وسلع استهلاكية مثل السجائر والآيس كريم واليخوت.

ورغم أن الرسوم الأوروبية كان من المقرر أن تبدأ بالظهور الأسبوع المقبل، إلا أن المفوضية تعمل حالياً على إعداد مقترح قانوني منفصل لتعليقها مؤقتاً، ما يفتح الباب أمام محادثات مباشرة مع البيت الأبيض، وفقاً لأربعة دبلوماسيين مطلعين على ما دار في الاجتماع المغلق.

وأكدت فون دير لاين: “إذا لم تسفر المفاوضات عن نتائج مرضية، فسندخل تدابيرنا حيز التنفيذ. نواصل العمل على إجراءات إضافية، وكما قلت من قبل: جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.

ارتياح في الأسواق وسط استمرار القلق

تراجع ترامب عن تصعيده خفف من الضغوط على الأسواق المالية، ما أدى إلى انتعاش كبير في البورصات وتحسن في سوق السندات الأميركية، الذي كان يشهد اضطراباً كبيراً ويهدد استقرار النظام المالي العالمي. ومع ذلك، لا تزال مستويات الرسوم الأميركية عند أعلى معدل لها منذ قرن.

في المقابل، أعربت الصين عن رفضها الشديد للخطوة الأميركية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان: “الولايات المتحدة تستخدم الرسوم الجمركية كسلاح لتحقيق مصالحها الضيقة، في انتهاك صارخ لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتقويض للنظام التجاري المتعدد الأطراف، وإضرار بالاستقرار الاقتصادي العالمي”.

ورغم موجة الانتعاش التي شهدتها الأسواق الأوروبية صباح الخميس، إلا أن الأسواق الأميركية بقيت حذرة في تداولات ما قبل الافتتاح، في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبل العلاقات الأميركية-الصينية.

أما على صعيد العملات، فقد واصل المستثمرون التوجه بعيداً عن الدولار، في ما اعتبره البعض “تصويتاً بعدم الثقة” في العملة الأميركية. وسجل اليورو والين والفرنك السويسري ارتفاعات حادة، بينما قفزت أسعار الذهب بنحو 2% لتصل إلى مستوى قياسي جديد.

وقال المحلل الاستراتيجي في بنك دويتشه، جورج سارافيلوس، في مذكرة للعملاء: “الضرر قد وقع بالفعل. حتى في حال التراجع عن الرسوم، هناك شعور دائم بعدم قابلية السياسات للتنبؤ. هذه الأحداث ستترك أثراً طويل الأمد، وسنشهد توجهاً أوروبياً متزايداً نحو تقليص الاعتماد الاستراتيجي على الولايات المتحدة في مختلف المجالات”.

اقرأ ايضًا:

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي خارجي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. يتمتع بخبرة واسعة في التغطية والتحليل، وعمل في مواقع وصحف محلية ودولية. شغل منصب المدير التنفيذي لعدة منصات إخبارية، منها "أخباري24"، "بترونيوز"، و"الفارمانيوز"، حيث قاد فرق العمل وطور المحتوى بما يواكب التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى