عربي وعالمي

إيران بين المطرقة والسندان: تصعيد قمعي داخلي في ظل ضربات خارجية.

في مواجهة التهديدات العسكرية الخارجية والاحتقان الشعبي المتصاعد، تشدد طهران قبضتها الأمنية، لكن إلى متى يمكنها الصمود أمام تحديات الداخل؟

بعد الضربات التي استهدفت منشآت عسكرية ونووية داخل إيران، شنّتها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بدأت طهران إعادة ترتيب أوراقها. لكن ردها لم يقتصر على التصعيد العسكري، بل تجاوز ذلك نحو الداخل، حيث تسارعت وتيرة الإجراءات الأمنية والقمعية ضد المعارضين والمواطنين، في محاولة لفرض سيطرة كاملة وسط تصدعات تهدد الاستقرار.

 

القبضة الحديدية: تصعيد أمني واسع النطاق

أطلقت السلطات حملة اعتقالات شملت المئات، بتهم تتنوع بين “التجسس” و“التآمر مع قوى خارجية” و“نشر الفتنة”. وأُعلن عن تنفيذ ستة إعدامات على الأقل خلال أيام، في مشهد يذكّر بسياسة “الصدمة والرعب” لترهيب المعارضين، وفرض مناخ خوف يمنع أي حراك محتمل.

 

الحرس الثوري… يد النظام الباطشة

الحرس الثوري، الذراع الأقوى للنظام، يقود عمليات القمع على الأرض. تم إنشاء محاكم استثنائية باسم “محاكم الأمن الوطني”، تتخطى الضمانات القانونية، وتصدر أحكاماً سريعة وقاسية. بالتزامن، ظهرت نقاط تفتيش جديدة ودوريات عسكرية مكثفة في المدن الكبرى، حتى في مناطق تُعرف تاريخياً بولائها للسلطة.

 

الرقابة الرقمية: ساحة معركة جديدة

في ظل تطور أدوات التواصل، باتت الرقابة الرقمية سلاحاً أساسياً. تلاحق الأجهزة الأمنية مستخدمي VPN وتطبيقات التواصل المشفّرة، وتستهدف الحسابات المعارضة على وسائل التواصل. ويُعتقد أن هذه العمليات تتم تحت إشراف وحدات الأمن السيبراني في الحرس الثوري، ما يجعل الفضاء الرقمي ساحة قتال مفتوحة.

 

بناء سردية وطنية: الإعلام والفتاوى في خدمة النظام

الإعلام الرسمي تحوّل إلى منصة تعبئة دعائية. تبث القنوات مشاهد جنازات الضحايا، وتُظهر رموز المقاومة ضد “العدوان الأمريكي الإسرائيلي”. بالتوازي، صدرت فتاوى دينية تهاجم قادة واشنطن وتل أبيب، في محاولة لتعزيز المشروعية الدينية للنظام وتكريس خطاب المقاومة.

 

احتجاجات صامتة… غضب تحت الرماد

رغم القمع، لا تزال بعض أصوات الاحتجاج تُسمع. تقارير من منظمات حقوقية تشير إلى تحركات طلابية، ومظاهرات صغيرة في المناطق الكردية، ومقاومة إلكترونية متفرقة. لكن النظام يستخدم كل أدوات الردع: الاعتقالات، تهديد العائلات، وحجب الإنترنت لاحتواء أي شرارة.

 

فجوة الأجيال: شباب منغلق على نظام مُنهك

جيل الشباب في إيران يواجه مستقبلاً قاتماً، وسط بطالة متفشية وقيود على الحريات. الهوة بين الدولة والمجتمع تتسع، والسلطات ترد بالقمع بدل الاستماع. هذه الفجوة هي التهديد الأكبر لاستقرار النظام على المدى الطويل.

 

الصمود الظاهري يُخفي هشاشة حقيقية

تحاول طهران أن تظهر بمظهر القوي والمتماسك، لكنها تبدو أشبه بنظام يدرك هشاشته، فيكثف أدوات القمع خشية الانهيار. خطابات الوحدة لم تعد تقنع الشارع، والتهديد الخارجي لم يعد كافياً لتوحيد الصفوف.

 

الخاتمة:

مهما بلغت شدة القبضة الأمنية، لا يمكنها أن تُخفي التصدعات المتزايدة في جدار النظام الإيراني. وإذا لم تتجه السلطات إلى إصلاحات حقيقية، فإن الانفجار الاجتماعي قد يصبح مجرد مسألة وقت، لا سيما مع جيل فقد الثقة، ولم يعد يخشى المواجهة.

اقرأ ايضَا

هجوم حوثي بزورق وصواريخ يستهدف سفينة متجهة إلى إسرائيل بالبحر الأحمر

سولين غزيم

سولين غزيم صحفية سورية ، تتميز بقلمها الجريء واهتمامها العميق بالقضايا الإنسانية والاجتماعية. تعمل على تسليط الضوء على هموم الناس بصوت صادق، وتنقل الحقيقة من قلب الحدث بموضوعية وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى