شركة “نيروس” الأمريكية تقود ثورة المسيّرات العسكرية منخفضة التكلفة للبنتاغون
من سباقات الدرون إلى ميادين القتال: كيف أصبحت "نيروس" شريكًا استراتيجيًا للجيش الأمريكي

فيربانكس، ألاسكا – بعد أن كانت الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم ونظام التحكم من منظور الشخص الأول (FPV) خارج دائرة اهتمام البنتاغون قبل عامين، تقف اليوم شركة “نيروس تكنولوجيز” الناشئة على أعتاب قفزة نوعية قد تجعلها واحدة من أبرز مورّدي الطائرات المسيّرة الهجومية منخفضة التكلفة للجيش الأمريكي.
من سباقات الدرون إلى ميادين القتال
يقول سورين مونرو-أندرسون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “نيروس”، والبالغ من العمر 22 عامًا، إنه بدأ مشواره كهاوٍ لسباقات الدرون، وأضاف:
> “في البداية، كان من الصعب إقناع الجيش بقيمة هذه التكنولوجيا، لكننا كنا نؤمن بأن لها دورًا حاسمًا في المعارك الحديثة، وهو ما أكّدته الحرب في أوكرانيا.”
وقد ساعدت زيارة فريق الشركة لأوكرانيا في مراحلها الأولى على فهم آلية استخدام المسيّرات ميدانيًا، وهو ما قاد إلى تركيز الجهود على ثلاثة محاور أساسية: الإنتاج السريع، والتحكم الكامل في سلاسل الإمداد، والتطوير التقني المستمر.
نجاحات مبكرة ودور محوري لأوكرانيا
مع بداية عام 2025، بدأت ثمار هذه الجهود تظهر بشكل ملموس:
فازت “نيروس” بعقد لتوريد 6000 طائرة مسيّرة هجومية لأوكرانيا ضمن مبادرة التحالف الدولي للمسيّرات (IDC).
تُنتج الشركة حاليًا نحو 1500 طائرة شهريًا من طراز Archer، بمدى يتجاوز 12 ميلاً، وقادرة على حمل عبوات ناسفة بوزن 2 كجم.
يُخصّص ثلث الإنتاج للجيش الأمريكي، بما يشمل المارينز، الجيش، وقوات العمليات الخاصة.
ولأن الشركة لا تستخدم مكونات صينية، تم اعتمادها في قائمة الموردين الموثوقين لدى وزارة الدفاع، ضمن جهود وكالة الابتكار الدفاعي (DIU) لتوفير بدائل آمنة.
كما اعتبرت “نيروس” العقوبات الصينية المفروضة عليها في ديسمبر 2024 بمثابة “وسام شرف”، دلالة على بروزها كلاعب مؤثر في مجال الصناعات الدفاعية.
طموح إنتاج مليون طائرة سنويًا
تطمح الشركة حاليًا إلى رفع وتيرة الإنتاج إلى 10,000 طائرة شهريًا مع نهاية العام، إلا أن رؤيتها أبعد من ذلك بكثير.
يقول مونرو-أندرسون:
> “نخطط لبناء مصنع قادر على إنتاج مليون مسيّرة سنويًا. حتى لو لم تطلب الحكومة هذا الرقم بعد، فنحن نعلم أن هذا هو ما تحتاجه البلاد للحروب القادمة.”
ورغم الخطط الطموحة، فإن العقبات البيروقراطية داخل البنتاغون، وبطء إعادة هيكلة برامج الشراء، لا تزال تعرقل التوسع السريع.

برنامج “ريبيليكاتور”: بداية لكن غير كافية
في محاولة لتسريع وتيرة التسلح المسيّر، أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية برنامج “ريبيليكاتور” عام 2023، بهدف إنتاج آلاف المسيّرات بحلول أغسطس 2025.
لكن العديد من الخبراء يرون أن هذه الجهود، رغم رمزيتها، لا تزال أقل من المطلوب ميدانيًا.
طلب متزايد يقابله نقص في الموارد
يؤكد ترينت إمينكر، مسؤول برامج الذكاء الاصطناعي في وحدة الابتكار الدفاعي (DIU):
> “هناك طلب هائل، لكن التمويل والدعم البرنامجي لا يزالان دون المستوى المطلوب.”
ورغم ذلك، يشير مونرو-أندرسون إلى أن العام الماضي شهد تحولاً واضحًا في تعامل وزارة الدفاع، حيث تتلقى “نيروس” طلبات شبه يومية من وحدات عسكرية لاختبار الأنظمة أو تدريب الجنود عليها.
جاهزية مسبقة: لا وعود فارغة
تعتمد “نيروس” في نموذجها التشغيلي على مبدأ “الاستعداد المسبق”، حيث تبني قدرتها الإنتاجية قبل التعاقدات الرسمية، لتكون جاهزة فور صدور الطلبات.
يقول الرئيس التنفيذي:
> “الشركات التي ستقود هذا القطاع هي تلك التي تستطيع توسيع قدراتها فورًا. نحن لا نعد بشيء لا يمكننا تنفيذه.”
تحليل: التكنولوجيا وحدها لا تكفي
يعكس صعود “نيروس” تحولًا عميقًا في الفكر العسكري الأمريكي، حيث يتم استبدال المنصات التقليدية الثقيلة بمنظومات ذكية، رخيصة، قابلة للتكرار وسريعة الاستبدال.
لكن نجاح الشركة لا يُقاس بالتقنيات وحدها، بل بقدرتها على تجاوز البيروق
راطية العسكرية وإثبات أن الإنتاج السريع لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية في حروب المستقبل.
اقرا ايضا:
“حوار هاتفي روسي فرنسي:مابين إتفاق منسجم بشأن إيران وفشل ذريع بشأن أوكرانيا