كيف أخفقت الأحزاب التقليدية في مواجهة صعود الشعبوية بقيادة نايجل فاراج؟
تبني خطاب الخصم لم يمنع انهيار المحافظين وأربك حسابات حزب العمال

مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في بريطانيا، تكشف تجربة حزب المحافظين عن استراتيجية فاشلة في التصدي لصعود نايجل فاراج وحزبه “ريفرم”. فبدلاً من مواجهته، تبنّى المحافظون تحت قيادة ريشي سوناك ثم كيمي بادينوك خطابًا قريبًا من أفكاره، في محاولة لاسترضاء ناخبيه، لكن النتيجة لم تكن سوى الخسارة. هذه التجربة تُقدّم درسًا واضحًا لحزب العمال: لا يمكن هزيمة الشعبوية بمحاكاتها.
فشل تكتيكي: تقليد الخطاب لا يكسب التأييد
سعى المحافظون إلى تبني مواقف فاراج في ملفات الهجرة، والمناخ، والثقافة، بهدف سحب البساط من تحت قدميه، لكن هذا أدى إلى نتيجة عكسية. فكلما اقترب خطابهم من خطابه، زادت شعبيته وتراجع حضورهم السياسي. وتواجه كيمي بادينوك، التي تخوض أول اختبار انتخابي كزعيمة للحزب، احتمال خسارة عدد كبير من المقاعد، خصوصًا في دوائر كانت سابقًا معقلاً لانتصارات بوريس جونسون بدفع من حملة التلقيح ضد كورونا.
صعود “ريفرم” وتفكك اليمين البريطاني
أصبح حزب “ريفرم” الشعبوي مستفيدًا أساسيًا من أزمة المحافظين، مع استقطابه لمرشحين وناخبين سابقين منهم. ترشّح شخصيات مثل أندريا جينكينز، النائبة المحافظة السابقة، لمنصب عمدة لينكولنشاير الكبرى باسم “ريفرم”، يؤكد أن الحزب بدأ يتحول إلى كيان سياسي مؤسِّس، لا مجرد حركة احتجاجية مؤقتة.
حزب العمال بين ضغوط متقاطعة
رغم أن معظم أصوات “ريفرم” تأتي من القاعدة الانتخابية للمحافظين، إلا أن حزب العمال أيضًا يواجه تحديات. فبعض الناخبين التقدميين، المحبطين من توجه كير ستارمر الوسطي، قد يتجهون نحو أحزاب مثل الخضر أو الليبراليين. ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات الفرعية في رانكورن وهيلسبي، رغم كونها دائرة عمالية، خسارة حادة قد تمكّن فاراج من استعراض نفوذه وادعاء “نهاية النظام الحزبي الثنائي”.
مستقبل غامض بلا حلول سهلة
فكرة التحالف بين المحافظين و”ريفرم” تبدو غير واقعية، إذ أن التباين العميق في الأهداف بين حزب مؤسسي كالمحافظين وحركة ثورية مثل “ريفرم” يعرقل أي وحدة يمينية. كما أن النظام الانتخابي البريطاني، القائم على مبدأ “الفائز الأول”، يجعل التنبؤ بالمستقبل صعبًا. ويبقى التحدي الأهم أمام الأحزاب الكبرى، وخاصة حزب العمال، في إقناع الناخبين بأن الديمقراطية لا تزال قادرة على تقديم حلول حقيقية بعيدًا عن الشعارات الشعبوية.