أسراب “الشاهد” تكتسح الأجواء: الطائرات الانتحارية الروسية تخترق الدفاعات الأوكرانية بمعدلات قياسية
الطائرات الانتحارية تعزز هجوم روسيا

في تصعيد جديد للحرب الجوية، نجحت روسيا في تعزيز قدراتها الهجومية باستخدام أسراب من طائرات “الشاهد” الانتحارية، لتخترق الدفاعات الجوية الأوكرانية بمعدلات غير مسبوقة، محققة ثلاث مرات نسبة الإصابة السابقة خلال الأشهر الأخيرة. هذا التطور يؤشر إلى تحول استراتيجي في ميزان الحرب الجوية، وسط قلق متزايد من استنزاف أنظمة الدفاع الأوكرانية المحدودة.
ثلاث أضعاف الضربات: تكنولوجيا الكثافة تُربك أوكرانيا
وفقًا لبيانات سلاح الجو الأوكراني، فإن نسبة الطائرات المُسيّرة التي تنجح في اختراق الدفاعات ارتفعت من 5٪ في الربع الأول من العام إلى 15٪ بين أبريل ويونيو، في مؤشر على فعالية التكتيكات الروسية الجديدة. ويبدو أن استخدام تكتيك “الهجوم بالغمر” — إطلاق مئات المسيّرات دفعة واحدة — يهدف إلى إنهاك الدفاعات الإلكترونية والمضادات الأرضية الأوكرانية.
في إحدى أعنف الهجمات، أطلقت موسكو ليلة 9 يوليو 728 طائرة مسيّرة من طراز “شاهد” ونسخ تمويهية، إلى جانب صواريخ كروز من طراز “إسكندر” و”كينجال” الأسرع من الصوت، ما مثّل ضغطًا هائلًا على منظومات الدفاع الأوكراني.
تطورات تقنية: “الشاهد” تتحول إلى “جيرانيوم”
روسيا لم تكتفِ باستخدام الطائرات الإيرانية الصنع بل بدأت تصنيعها محليًا تحت اسم “جيرانيوم-3″، نسخة محسّنة مزودة بمحركات تيربو تسمح لها بالوصول إلى سرعة 800 كم/ساعة في حالة الغوص، وهو ما يجعلها خارج نطاق المدافع الأرضية التقليدية مثل الرشاشات المحمولة على الشاحنات.
يقول الباحث العسكري ياسر أتالان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS):
“المشكلة ليست في تراجع كفاءة الدفاعات الأوكرانية، بل في تطور الأساليب الروسية، حيث أصبحت الطائرات تُحلّق على ارتفاعات أعلى وتُطلق بأعداد ضخمة، ما يصعّب اعتراضها.”
رد أوكراني محدود: دفاعات إلكترونية وطائرات اعتراضية ناشئة
تعتمد أوكرانيا في صد هذه الهجمات على مزيج من التشويش الإلكتروني والمدافع الأرضية مثل مدافع “سكاي نيكس” الألمانية. ومع ذلك، فإن التنوع الكثيف في الهجمات الروسية — التي تدمج بين المسيّرات والصواريخ الباليستية — يربك أنظمة الرصد والتصدي.
في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توقيع اتفاقية إنتاج مشترك مع شركة Swift Beat الأمريكية لتصنيع مئات الآلاف من المسيّرات الاعتراضية محليًا، في محاولة لبناء دفاع أكثر ديناميكية. وأوضح أن هذه الطائرات أظهرت “أداءً مميزًا”، حيث تم إسقاط “مئات الطائرات الروسية – الإيرانية” خلال أسبوع واحد فقط.
لكن خبراء مثل أولكسندر ماتفيينكو يحذرون من أن فعالية هذه المسيّرات الاعتراضية تتطلب الوصول إلى ارتفاعات 6 كم وسرعة 200 كم/س على الأقل، لمجاراة سرعة الشاهد المحسّنة.
حرب استنزاف نفسي وتقني: الضغط الروسي يتصاعد
بحسب مراقبين، تسعى موسكو من خلال هذا النهج إلى تحقيق هدفين مزدوجين: إنهاك المنظومات الدفاعية عبر الاستنزاف المستمر، وزعزعة المعنويات في المدن المستهدفة، تمهيدًا لإجبار كييف على تقديم تنازلات. وتشير معدلات الضربات المتزايدة إلى تفوق تكتيكي على الأرض، رغم محدودية تأثير المسيّرات على الجبهات الميدانية الكبرى.
الجنرال السابق في سلاح الجو البريطاني أندرو تيرنر وصف المعركة الجوية الجارية بأنها:
“مبارزة دائمة بين الابتكار والابتكار المضاد، وهي تتطور في أوكرانيا كل 14 يومًا، بسرعة غير مسبوقة.”
أزمة “الباتريوت”: نقص عالمي في الصواريخ الاعتراضية
في ظل هذا التصعيد، تواجه أوكرانيا تحديًا آخر في الحصول على صواريخ باتريوت الاعتراضية من الولايات المتحدة. يقول الخبير الدفاعي توم كاراكو:
“هناك طوابير طويلة في العالم للحصول على هذه الصواريخ، وسيضطر كثيرون للانتظار.”