حوادث وقضايا

ايران توقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسط تصاعد التوتر بعد القصف الأمريكي الإسرائيلي

إيران تعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

 

البرلمان الإيراني يصعّد موقفه ويصادق بالإجماع على تجميد التعاون النووي مع الأمم المتحدة… وغموض يلف مستقبل المفاوضات والدبلوماسية الدولية

في خطوة تصعيدية جديدة، صادق البرلمان الإيراني بالإجماع على مشروع قانون يقضي بتعليق جميع أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، مما يعقّد بشكل كبير قدرة المجتمع الدولي على تقييم حجم الضرر الذي لحق بثلاثة من أهم المواقع النووية الإيرانية، بعد الغارات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل مشترك الأسبوع الماضي.

 

ويعني القرار فعلياً وقف تركيب الكاميرات وأعمال التفتيش وتقديم التقارير الفنية، ما يُبقي وضع اليورانيوم عالي التخصيب في البلاد في حالة من الغموض. كما يشير التصويت بالإجماع إلى رغبة طهران في تشديد موقفها التفاوضي مع الغرب، بعد 12 يوماً من الضربات العسكرية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً وبتحفظ من بعض الحكومات الأوروبية.

 

غضب رسمي وسردية انتصار

رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف قال إن الوكالة الدولية “فشلت في أداء واجباتها وتحولت إلى أداة سياسية”، مؤكدًا أن أي استئناف للتعاون سيعتمد على تقييم مشترك من هيئة الطاقة الذرية الإيرانية ولجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، وبتوفير ضمانات بعدم تكرار الهجمات على المنشآت النووية.

 

وصاحب التصويت هتافات نواب البرلمان: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، فيما اقترح البعض مقاضاة مدير الوكالة رافائيل غروسي، بدعوى تقديمه تقارير كاذبة والتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي.

 

انقسام داخلي… بين التحدي والحذر

القرار البرلماني لا يزال بحاجة إلى مصادقة مجلس صيانة الدستور، لكنّه يعكس إجماعًا سياسيًا داخليًا على رفض التفتيش الدولي في هذه المرحلة. وصرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بأن المنشآت النووية تعرضت لأضرار جسيمة – ليكون أول مسؤول رسمي يعترف بذلك.

 

في المقابل، حذّر بعض المحللين من أن النشوة الرسمية بنجاة النظام، في ظل غياب انتفاضة شعبية داخلية، قد تتحول إلى ثقة مفرطة تُغفل نقاط الضعف الاستراتيجية لإيران، وتعرقل أي فرصة لتنازلات ضرورية.

 

الرئيس الأسبق حسن روحاني دعا إلى واقعية استراتيجية، قائلاً: “السلام القوي والدائم لا يتحقق بالأوهام والمبالغات، بل بالعقلانية وردع الخصوم وتوسيع العمق الاستراتيجي داخل العقول والقلوب”.

 

مستقبل الاتفاق النووي على المحك

يأتي التصعيد في وقت أعلنت فيه واشنطن أن البرنامج النووي الإيراني تأثر فقط لبضعة أشهر، رغم تأكيد ترامب أن “البرنامج تم تدميره بالكامل”. لكن التحليل الأمريكي لا يدعم هذا الادعاء.

 

ويُنظر إلى القرار الإيراني على أنه مقدمة لانسحاب محتمل من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، وهو سيناريو سيجعل طهران على خطى إسرائيل كقوة نووية خارج الأطر الدولية. النائب السابق أكبر أعلامي صرّح: “إذا كانت المعاهدة لا تحمينا من الهجمات والعقوبات، فما جدوى الالتزام بها؟”.

 

في الوقت ذاته، عبّر الكرملين عن قلقه من فقدان الوكالة الدولية لمصداقيتها، وحذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من أن فرص إحياء اتفاق نووي جديد باتت أقل من أي وقت مضى.

 

تحديات ما بعد الحرب

وسط الاستنفار، تسود تساؤلات حول أسباب هشاشة الدفاعات الجوية الإيرانية، وفشل روسيا في تسليم طائرات “سوخوي-35” وفق الاتفاق الموقع عام 2023. ويرى بعض المراقبين أن تدفق اللاجئين من أفغانستان وكردستان العراق ساهم في إضعاف الأمن الداخلي، ما يستدعي مراجعة شاملة في مرحلة ما بعد الحرب.

 

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحاول استثمار اللحظة في خطاب توحيدي، مدعياً أن إيران خرجت أقوى وأكثر تماسكاً. لكن منتقدين يرون أن هذا “الوحدة المفاجئة” نتجت عن الغضب من الخارج، لا عن ثقة في الحكومة، خصوصًا في ظل تصعيد حملات القمع بذريعة مطاردة خلايا الموساد.

 

في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال: هل تتجه إيران نحو عزلة نووية مقصودة، أم تمهد لتحوّل استراتيجي يقلب موازين القوة في الشرق الأوسط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى