صحف وتقارير

هوس جديد في أمريكا: أكياس النيكوتين تكتسح الأسواق وتثير المخاوف

انتشار واسع لأكياس النيكوتين في أمريكا وسط تحذيرات من الإدمان

في مشهد يتكرر يوميًا في الملاعب ودور السينما ومكاتب العمل وحتى داخل المنازل، يضع ملايين الأمريكيين أكياس نيكوتين صغيرة تُعرف باسم “زين” بين شفاههم ولثّتهم، في عادة جديدة تشق طريقها بسرعة لتصبح واحدة من أكثر أنماط الإدمان انتشارًا في الولايات المتحدة.

رغم أن هذه الأكياس لا تُدَخَّن ولا تحتوي على تبغ، فإنها تحتوي على جرعة من النيكوتين تُمتَص تدريجيًا، ما يجعلها بديلًا شائعًا للسجائر، خاصة بين الشباب.

انفجار في المبيعات… وتوسّع في الإنتاج

تشهد شركة “زين” نموًا غير مسبوق، إذ ارتفعت شحنات المنتج في الولايات المتحدة بنسبة 177% بين الربع الأول من عام 2023 ونظيره في 2025.
وباتت المنتجات الخالية من الدخان تمثل 42% من الإيرادات في بداية 2025، ما دفع الشركة إلى البدء في بناء مصنع جديد بقيمة 600 مليون دولار في كولورادو لتلبية الطلب المتزايد.

كيف تعمل أكياس “زين”؟

تُستخدم هذه الأكياس الصغيرة بوضعها بين الشفّة واللثة، حيث تُفرز النيكوتين تدريجيًا داخل الفم دون الحاجة للحرق أو الدخان.
ما يميزها أنها غير ظاهرة وسهلة الاستخدام، ولا تُصدر روائح، ما يجعلها جذابة للمستخدمين في الأماكن العامة — بل وحتى أثناء النوم، كما أقرّ الممثل الأمريكي جوش برولين.

هل هي آمنة فعلًا؟

رغم أنها لا تحتوي على التبغ وبالتالي لا تنقل المواد المسرطنة الموجودة في السجائر، إلا أن النيكوتين الموجود فيها لا يزال مادة مسببة للإدمان.
وترى بعض الجهات أنها قد تكون خيارًا “أقل ضررًا” للمدخنين الراغبين في الإقلاع، بينما تعتبرها منظمات صحية بوابة محتملة لبدء الإدمان، خاصة في صفوف الشباب.

فيليب موريس: النيكوتين “سوء فهمه”

قالت ستايسي كينيدي، المديرة التنفيذية لشركة فيليب موريس إنترناشونال في الولايات المتحدة، إن النيكوتين “من أكثر المواد التي أُسيء فهمها”، مشيرة إلى أن الضرر الحقيقي يكمن في المواد الكيميائية الناتجة عن احتراق التبغ، وليس في النيكوتين نفسه.

وتضيف كينيدي أن “له فوائد معرفية” وأن فصل الحقائق عن المفاهيم المغلوطة بشأن النيكوتين أمر أساسي لتوجيه السياسات العامة بشكل سليم.

المعارضة: بوابة لإدمان جديد

في المقابل، ترى هيئات رقابية أن شركات التبغ لا يمكن اعتبارها مصدرًا موثوقًا للمعلومات، مشيرة إلى تاريخ طويل من التضليل بشأن مخاطر النيكوتين.
وأكدت يولوندا سي. ريتشاردسون، رئيسة حملة الأطفال ضد التدخين، أن منتجات مثل “زين” تُسوَّق بشكل مغرٍ للمراهقين، ما قد يؤدي إلى جيل جديد من المدمنين.

الضوء الأخضر من FDA… ولكن بشروط

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مؤخرًا على تسويق 20 منتجًا من “زين” بعد مراجعة علمية اعتبرتها مفيدة للبالغين الذين يسعون للإقلاع عن التدخين.
وأكد ماثيو فارلي، مدير مكتب العلوم في مركز منتجات التبغ التابع لـFDA، أن المنتجات الخالية من الدخان قد تساهم في تقليل الضرر عند استخدامها كبديل كامل للسجائر.

موقف إدارة ترامب … قيد الترقب

رغم هذه التطورات، لم توضّح الإدارة الأمريكية الجديدة حتى الآن موقفها النهائي من تنظيم منتجات النيكوتين، بما فيها أكياس “زين”.
لكن متحدثًا باسم وزارة الصحة أوضح أن سياسة FDA تركز حاليًا على تقليل الضرر من التدخين، خاصة السجائر القابلة للاحتراق، مع تقديم بدائل أقل ضررًا للبالغين المدخنين.

 ستبدأ برؤية “زين” في كل مكان

رغم أنها تمرّ أمامنا دون أن نلاحظها، فإن أكياس النيكوتين “زين” أصبحت مشهدًا مألوفًا في الحياة اليومية الأمريكية. وبينما يرى البعض فيها وسيلة للإقلاع عن التدخين، يحذر آخرون من أنها قد تكون مجرد شكل جديد من أشكال الإدمان — هذه المرة، بلا دخان.

إقرأ ايضَا

المخدرات مش هتضيعك لوحدك .. تحذير للسائقين من عواقب الإدمان

 

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى