صحف وتقارير

كيف تحقق شركات السلاح الأوروبية أرباحًا من قنابل تقتل أطفال غزة؟تقرير الجارديان

تحقيق الجارديان يكشف مسارات الربح من القنابل الأمريكية عبر شركة بريطانية إلى ساحة حرب مدمّرة

في وقت تصاعدت فيه الضغوط على الحكومات الأوروبية لوقف صادرات السلاح إلى إسرائيل، يكشف تحقيق مشترك للجارديان مع موقعي Disclose وFollow the Money.

يوضح التقرير كيف تستمر أرباح إحدى أكبر شركات تصنيع الصواريخ في أوروبا، MBDA، في التدفق من قنابل استخدمت في قصف منشآت تأوي أطفالًا ومدنيين في غزة.

“جناح الموت”: المصنع الأمريكي، والعوائد البريطانية. 

 

تقوم شركة MBDA الأمريكية، المملوكة لمجموعة MBDA الأوروبية، بتصنيع أجنحة تُركب على قنابل GBU-39 الدقيقة التي تنتجها بوينغ. هذه الأجنحة تفتح أثناء تحليق القنبلة، ما يسمح بتوجيهها نحو هدفها بدقة.

كما تصل الأرباح من مصنع ألاباما إلى شركة MBDA UK في هيرتفوردشاير – ومنها إلى المقر الرئيسي للمجموعة في فرنسا، الذي وزع نحو 350 مليون جنيه إسترليني كأرباح لمالكيه: بي إيه إي سيستمز البريطانية، إيرباص الفرنسية، وليوناردو الإيطالية.

يعتمد هذا التحقيق الذي أجرته ذا غارديان على مواد بصرية مفتوحة المصدر، وصور أقمار صناعية (Copernicus Sentinel، وكالة الفضاء الأوروبية – ESA، بتاريخ 28 يونيو 2025)، بالإضافة إلى تحليلات جنائية وتحليل للأسلحة، وشهادات شهود عيان، وتقارير موثوقة من مصادر محلية ودولية.

 

 قنابل تُطلق بدقة… وتصيب الأطفال في نومهم

رغم تعليق بريطانيا لبعض تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، تظهر الأدلة أن قنابل GBU-39 استُخدمت في 24 هجومًا موثقًا أسفر عن مقتل مدنيين. بينهم أكثر من 100 طفل، داخل مدارس ومخيمات لجوء، غالبًا دون سابق إنذار. وتحمل بعض الهجمات دلائل على جرائم حرب، بحسب الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية.

 

ذراعا حنين الوديّع. يقول خالها إنها تحتاج إلى علاجات لا يستطيع أي مستشفى في غزة توفيرها.تصوير: ثائر ماهر عابد

الطفلة حنين: جسد محترق وذاكرة ترفض النسيان. 

يذكر أنه  عند الساعة الثانية صباحًا، اخترقت قنبلة سقف مدرسة فهمي الجرجاوي في غزة القديمة، حيث كانت عشرات العائلات نائمة. قُتل 36 شخصًا، نصفهم أطفال.

تعتبر واحدة من الناجين كانت الطفلة حنين، ذات الخمس سنوات، التي خرجت من وسط النيران مصابة بحروق شديدة وصدمة نفسية لا تمحى. فقدت والديها وشقيقتها الوحيدة. يقول عمّها، وهو ممرض: “تخشى السير خشية أن تطأ جثثًا تحت قدميها”.

 

غياب الإنذار وانعدام التمييز: تفاصيل الهجمات المشبوهة. 

وفقًا للتحقيق، فإن الغارات نُفذت دون تحذيرات مسبقة، واستهدفت مواقع مدنية بشكل مباشر، كمدارس كانت تستخدم كملاجئ.

وأصبح القانون الإنساني الدولي يمنع استهداف المنشآت المدنية إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، ومع اتخاذ كافة التدابير لتجنب إصابة المدنيين، وهو ما لم يحدث في كثير من الحالات.

 

شظايا قنابل بين الركام والأنقاض.
تصوير: ثائر ماهر عابد

سلسلة الهجمات: من البريج إلى مخيم السلام الكويتي

في الثاني من نوفمبر، تعرض مخيم البريج المكتظ للقصف بأربعة GBU-39 على الأقل، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، مخلّفًا 15 قتيلًا بينهم 9 أطفال. بعدها، في مايو، هز انفجار مهول مخيم السلام الكويتي برفح، أودى بحياة 45 شخصًا.

في كلا الحالتين، أكدت إسرائيل استهدافها لـ”مراكز عمليات عسكرية”، إلا أن المحققين وجدوا بقايا القنابل الدقيقة نفسها بين الأنقاض.

 

 شهادات مروّعة: “الطفل بتر ذراعه… والنساء احترقن أحياء”. 

 

تحمل الصور ومقاطع الفيديو أدلة دامغة: شظايا القنابل تحمل توقيع MBDA، والأجنحة المميزة بعبارة “NO LIFT ON WINGS”.

وقال تريفور بول، الخبير في الأسلحة، إن GBU-39 أصبحت سلاحًا رئيسيًا في الضربات الإسرائيلية الأخيرة، وغالبًا ما تستهدف المدارس والخيام والمنازل والمساجد أثناء الصلاة.

وزير الأعمال والتجارة، جوناثان رينولدز، خلال زيارته لشركة MBDA في بولتون.
تصوير: وزارة الأعمال والتجارة

 محدودية الحظر البريطاني… والربح مستمر عبر المحيط

ورغم تعليق بريطانيا لـ29 رخصة تصدير، إلا أن الخبراء يؤكدون أن شركات مثل MBDA Inc، الأمريكية التابعة للمجموعة الأوروبية، ليست خاضعة لهذا القرار.

فبما أن المصنع يقع في الولايات المتحدة، ويعمل وفق قوانينها، يمكنه الاستمرار في توريد مكوناته القاتلة إلى بوينغ دون عوائق.

 

 “الربح من الإبادة”: حين تغيب المحاسبة الدولية

في تقريرها الأخير، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيزي، إن الربح هو ما يُبقي “الإبادة مستمرة”. وأشارت إلى أن MBDA وغيرها من الشركات تخرق مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان أثناء النزاعات. ورغم شعاراتها عن الأخلاقيات، لم توضح الشركة ما إذا كانت تنوي وقف التعامل مع إسرائيل أو بيع فرعها الأمريكي.

 

في الختام، يكشف هذا التحقيق كيف أن تشابك سلاسل التوريد العابرة للحدود، والمصالح الربحية الواسعة، يجعل من أي حظر حكومي خطوة ناقصة في مواجهة آلة حرب تقصف أطفالًا نائمين وتحوّل مدارس إلى مقابر جماعية. والسكوت الدولي لا يزيد إلا من تعميق الجراح.

اقرأ ايضا

ميتا تُعلن الحرب على المحتوى المنسوخ: حملات ضد “القص واللصق” وقيود على الذكاء الاصطناعي

ياسمين خليل

ياسمين خليل، حاصلة على ليسانس آداب قسم علوم الاتصال والإعلام، تتمتع بخبرة في إدارة المحتوى والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب مهاراتها في الإعلام والعلاقات العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى