نتنياهو عند مفترق طرق:من لعنه 7اكتوبر الي حليف مفاجئ لترامب
"نتنياهو عند مفترق طرق: من لعنة 7 أكتوبر إلى حليف مفاجئ لترامب"

عندما زار بنيامين نتنياهو البيت الأبيض هذا الأسبوع، بدا وكأنه يعود إلى أرض مألوفة، لكن تحت ظروف غير مألوفة على الإطلاق. رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي كان قد أصبح منبوذًا سياسيًا في واشنطن بعد خلافات مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عاد الآن ليجد نفسه مجددًا في قلب أجندة ترامب الخارجية – لا كخصم بل كشريك ضروري.
خصام سابق.. وتحالف اضطراري
في عام 2021، خرج ترامب غاضبًا من السلطة، حاملاً ضغينة شخصية ضد نتنياهو، بسبب ما رآه “خيانة” بعد تهنئة الأخير لجو بايدن بفوزه، وتراجعه عن المشاركة في عملية مشتركة لاغتيال جنرال إيراني.
لكن بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، ومع رغبة محمومة في تحقيق انتصارات خارجية سريعة، أعاد فتح قنوات التعاون مع نتنياهو، رغم الخلاف حول ملفي غزة وإيران.
الآن، وبعد 21 شهرًا من ضربات إسرائيلية مكثفة ضد الحرس الثوري الإيراني ووكلائه في لبنان وسوريا والعراق، بل وحتى مشاركته في إضعاف البرنامج النووي الإيراني، يبدو أن نتنياهو منح ترامب نقطة انتصار محتملة يفتقدها في أماكن أخرى.
هدنة غزة: مصلحة مشتركة، لكنها عقبة داخلية لنتنياهو
أحد مطالب ترامب الرئيسية الآن هو وقف إطلاق النار في غزة مقابل صفقة تبادل أسرى، يريد أن يسوقها كإنجاز كبير في ملف الشرق الأوسط.
لكن بالنسبة لنتنياهو، الذي رفع شعار “تدمير حماس من الجذور” منذ هجوم 7 أكتوبر، فإن هذه الخطوة تمثل خطرًا سياسيًا داخليًا جسيمًا، قد تؤدي إلى انهيار حكومته اليمينية الهشة أو حتى الدعوة لانتخابات مبكرة يخشى خسارتها.
إلا أن التوقيت السياسي الحالي قد يكون في صالحه: الكنيست يوشك على الدخول في عطلة برلمانية لثلاثة أشهر، مما يمنح نتنياهو فرصة لتمرير هدنة تمتد لشهرين دون ضغوط مباشرة من اليمين المتطرف.
ضرب إيران: ترميم صورة الزعيم بعد الكارثة
بعد 7 أكتوبر، اعتُبر نتنياهو “المسؤول الأول عن أسوأ فشل أمني في تاريخ إسرائيل”، لكنه أعاد رسم صورته بعد أن قاد حملة عسكرية واستخباراتية ناجحة ضد إيران، شملت اغتيالات لقادة نوويين وعسكريين، قبل أن تدعم واشنطن هذه الجهود بإرسال قاذفات B-2 لضرب منشآت نووية إيرانية.
وفق محللين، فإن هذا التحول أعاد لنتنياهو مكانته أمام الجمهور الإسرائيلي، و”محا وصمة عار” 7 أكتوبر مؤقتًا، كما يقول ديفيد ماكوفسكي، المسؤول السابق بالخارجية الأمريكية.
الكابوس القادم: من سيحكم غزة؟
يخشى نتنياهو أن يكون الثمن السياسي لوقف الحرب هو القبول برؤية أمريكية – خليجية تدعو إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ما يتعارض مع تعهداته السابقة بعدم التسليم بعودة “الفساد والضعف” إلى القطاع.
لكن في ظل إصرار الدول الخليجية الممولة لإعادة الإعمار على وجود سيادة فلسطينية رسمية، فإن الخطة الأمريكية القادمة قد تضع نتنياهو في مأزق جديد، أو تمنحه غطاءً دبلوماسيًا للهروب من التورط المستمر في غزة.
هل يستطيع الصمود؟
رغم ضعف ائتلافه (64 نائبًا من أصل 120)، وتمرده المتكرر من شخصيات مثل بن غفير وسموتريتش، لا يزال نتنياهو يملك ما لم يملكه أحد من قبله:
غريزة بقاء سياسية حادة
قدرة على توظيف اللحظات الحرجة لصالحه
شعبوية يمينية تجد أرضًا خصبة في مجتمع مصدوم ومتحول نحو اليمين
يقول آرون ديفيد ميلر، أحد أبرز المفاوضين الأمريكيين السابقين:
“نتنياهو أكثر الساسة الإسرائيليين دهاءً وفتكًا. لا أحد يضاهيه في الرغبة الجامحة للبقاء في السلطة”.
إرث مزدوج.. وسؤال مفتوح
سيظل نتنياهو، كما ترى الباحثة الإسرائيلية شيرا إفرون، رمزًا لـ”الفشل الذي أطلق شرارة الكارثة، وللزعيم الذي تمكن بعد ذلك من إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة”.
لكن ما زال السؤال مفتوحًا: هل سيختار إنهاء الحرب؟ أم سيواصل السير على الحافة؟
في انتظار الإجابة، يبقى ترامب، وزعماء الخليج، ومعظم الإسرائيليين، يراقبون تحركات الرجل الذي يصعب التنبؤ بخطوته التالية.