ترامب يفرض رسوما جمركية على الأدوية الأوروبية: تأثيرات اقتصادية وصحية
رسوم ترامب على الأدوية الأوروبية: تأثيرات كارثية على المرضى الأمريكيين

في خطوة قد تعيد رسم خريطة صناعة الدواء عالميًا، فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 15% على الأدوية المستوردة من أوروبا، في إطار اتفاق تجاري جديد بين واشنطن والاتحاد الأوروبي. ورغم أن هذه النسبة أقل بكثير من الرسوم التي هدد بها الرئيس ترامب سابقًا (200%)، إلا أن تداعياتها قد تكون ضخمة على الصناعة والمرضى على حد سواء.
زيادة محتملة في أسعار الأدوية
الرسوم الجديدة تعني أن تكاليف استيراد أدوية أوروبية مثل بوتوكس، وعقار السرطان كيترودا، وأدوية خسارة الوزن مثل أوزيمبيك سترتفع بشكل كبير. ومن المرجح أن تنقل شركات الأدوية هذه التكاليف إلى المستهلكين عبر: ارتفاع أسعار الأدوية ذات العلامات التجارية. زيادة الأقساط التأمينية. رفع قيمة المدفوعات المشتركة (deductibles) التي يتحملها المرضى.
من سيدفع الثمن؟
شركات التأمين الصحي تتوقع بالفعل زيادة في تكاليفها للعام القادم. برامج حكومية مثل “ميديكير” قد تواجه ضغوطًا إضافية في تغطية التكاليف. المرضى قد يشعرون بالأثر الأكثر وضوحًا في أسعار الأدوية اليومية. في بعض الحالات، قد تمنع العقود والقيود التنظيمية الزيادات الفورية، لكن الضغط طويل الأمد سيبقى قائمًا.
أوروبا: مصدر رئيسي للدواء الأمريكي
أوروبا تصدّر 43% من المواد الفعالة للأدوية ذات العلامات التجارية المستخدمة في الولايات المتحدة — أكثر من أي منطقة أخرى. تصدّر أيضًا 18% من مكونات الأدوية الجنيسة. إيرلندا وحدها صدّرت العام الماضي أدوية إلى أمريكا بقيمة 50 مليار دولار. وقد حذّر المسؤولون الأوروبيون من أن هذه الرسوم قد تدفع شركات الأدوية إلى تقليص استثماراتها في أوروبا، مما يهدد الوظائف والمصانع والإيرادات الضريبية.
هل الأدوية الجنيسة مشمولة في القرار؟
قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إن بعض الأدوية الجنيسة ستُعفى من الرسوم. لكن لم يُعلن بعد عن قائمة الأدوية المعفاة، مما يثير قلقًا بشأن نقص محتمل في الأدوية ذات الهوامش الربحية المنخفضة.
من يدفع الجمرك؟ الشركات… والمرضى لاحقًا
تُفرض الرسوم على شركات الأدوية المستوردة للمنتجات النهائية أو المكونات الدوائية. تلك الشركات ستحاول تحميل التكاليف على المستهلكين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات أو جهات حكومية.
خلفية سياسية: شعار “أعدوا التصنيع إلى أمريكا”
يسعى ترامب من خلال هذه الرسوم إلى إعادة تصنيع الأدوية إلى الأراضي الأمريكية. وفي أبريل، أطلقت إدارته تحقيقًا حول ما إذا كانت واردات الأدوية تهدد الأمن القومي، في إطار قانون Section 232. أوروبا تم إعفاؤها من هذه الرسوم الأمنية، لكن التهديد ما زال قائمًا أمام الهند والصين — وهما مركزا صناعة الأدوية الجنيسة عالميًا.
موقف شركات الأدوية: “هذه ليست الطريقة”
أكبر تجمع لصناعة الأدوية في أمريكا (PhRMA) أصدر بيانًا قال فيه: “الرسوم الجمركية ليست وسيلة فعالة لتعزيز التصنيع المحلي. بل إنها تهدد الاستثمارات في البحث والتطوير داخل الولايات المتحدة.” رغم أن هذه الرسوم قد تبدو وكأنها تسوية بين تهديدات ترامب الأولية والضغوط الأوروبية، إلا أنها تشكل ضربة ضخمة لصناعة دواء معولمة بطبيعتها. وإذا لم يتم احتواء تداعياتها، فقد يدفع المرضى الأمريكيون الثمن، ليس فقط من جيوبهم، بل ربما من صحتهم أيضًا.