خاص| رشا السلاب توضح الفوائد الناتجة عن تقليل الانبعاثات الكربونية داخل الموانئ واقتصادية السويس

تلعب الانبعاثات الكربونية داخل الموانئ دورًا بارزًا في تحديد التأثيرات البيئية الناتجة عن الأنشطة البحرية واللوجستية، حيث تُعتبر الموانئ مراكز حيوية للحركة التجارية والصناعية، ما يجعلها مصدرًا هامًا للانبعاثات التي تنتج عن تشغيل السفن، معدات المناولة، والمركبات الثقيلة. إن الإدارة الفعّالة لهذه الانبعاثات تساهم في تقليل معدلات التلوث الهوائي وتحسين جودة الهواء في المناطق المحيطة، إلى جانب تعزيز جهود الاستدامة البيئية ودعم تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بتغير المناخ، لهذا السبب، يعد اعتماد تقنيات مبتكرة واستراتيجيات صديقة للبيئة في إدارة الموانئ خطوة ضرورية نحو بيئة أكثر استدامة وصحة.
الموانئ تُعد من أبرز مصادر انبعاثات غازات
وفي هذا السياق، أشارت الدكتورة رشا السيد محمد السلاب، خبيرة ومحللة اقتصادية، في تصريحات خاصة لمنصة “العالم في دقائق”، إلى أن الموانئ تُعد من أبرز مصادر انبعاثات غازات الدفيئة وتلوث الهواء المحلي نتيجة تشغيل السفن والرافعات والشاحنات ومعدات مناولة البضائع، هذه الانبعاثات لا تؤثر فقط على البيئة، ولكنها تهدد الصحة العامة وتقلل من جودة الحياة بالقرب من المناطق السكنية المجاورة للموانئ.
وأضافت أن الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه باستخدام كهرباء متجددة عبر عملية التحليل الكهربائي، يمثل خيارًا واعدًا لتقليل هذه الانبعاثات، يمكن استخدامه محليًا لتشغيل المعدات وتوفير الكهرباء للأرصفة والمركبات، كما يمكن أن يكون وقودًا بديلاً للسفن عبر مركباته الكيميائية مثل الأمونيا أو الميثانول الأخضر، بالإضافة إلى دوره كمادة خام للصناعات.
للاستفادة من الهيدروجين الأخضر
وضحت كذلك أنه في مصر، هناك جهود قوية تُبذل للاستفادة من الهيدروجين الأخضر، خاصة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وتشمل هذه الجهود مشاريع ضخمة مدعومة باتفاقيات استثمارية متعددة بلغت قيمتها مليارات الدولارات، هذه المشاريع تتضمن مذكرات تفاهم لتطوير إنتاج الأمونيا والهيدروجين الأخضر، ما يمنح الموانئ والمنطقة الاقتصادية فرصة تنافسية لإنشاء سلاسل قيمة تصديرية ومحلية، ومع ذلك، تواجه هذه المبادرات تحديات مثل ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر حاليًا والحاجة إلى بنى تحتية متطورة تشمل الطاقة المتجددة ومحطات لتخزين وتوزيع الهيدروجين وشبكات الأنابيب. كما تظهر قضايا مرتبطة باستخدام المياه في التحليل الكهربائي ومتطلبات السلامة والتنظيم.
من خلال منصة العالم في دقائق، تم تسليط الضوء على مصادر الانبعاثات في الموانئ والمنطقة الاقتصادية عبر عدة محاور:
– السفن التي تعمل بوقود المازوت والديزل أثناء توقفها عند الأرصفة.
– المعدات الأرضية مثل الرافعات والمركبات التي تعمل بالديزل.
– المصانع والبنى التحتية بمنطقة قناة السويس التي تعتمد على الوقود الأحفوري.
– النقل البري والأنشطة الداعمة مثل التبريد وتشغيل المولدات الاحتياطية.
هذه الأنشطة تتسبب في انبعاث غازات دفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون) إلى جانب ملوثات محلية ضارة (مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت والجسيمات الدقيقة)، ما يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة العامة، خصوصًا الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، بجانب الأضرار البيئية طويلة الأجل.
حلًا رئيسيًا لمواجهة هذه الانبعاثات
الهيدروجين الأخضر يمكن أن يكون حلًا رئيسيًا لمواجهة هذه الانبعاثات عبر تطبيقاته المتنوعة:
– تحسين كهربة الموانئ ومرافق المناولة باستخدام خلايا وقود الهيدروجين لتشغيل المعدات بدلاً من محركات الديزل التقليدية، مما يقلل من الانبعاثات الضارة.
– توفير الوقود للسفن بصيغة أمونيا أو ميثانول أخضر كبدائل منخفضة الكربون عن وقود المازوت التقليدي، مما يساهم في تحول قطاع الشحن نحو الحلول المستدامة.
– دعم الصناعات القريبة باستخدام الهيدروجين الأخضر كمادة خام بديلة للهيدروجين الرمادي كثيف الانبعاثات، مما يساعد في تقليل المطالب الصناعية وتعزيز الاقتصاد المحلي للموانئ.
الفوائد الناتجة عن تقليل الانبعاثات الكربونية
أما الفوائد الناتجة عن تقليل الانبعاثات الكربونية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فتشمل:
– تحسين الصحة العامة وتقليل تكلفة الخدمات الصحية من خلال الحد من التلوث الهوائي المحلي.
– تعزيز جذب الاستثمارات الضخمة وبناء شبكات قيمة جديدة تهدف إلى خلق فرص عمل وتطوير بنى صناعية ولوجستية قادرة على تعزيز التصدير.
– تحسين تنافسية الموانئ ضمن منظومة الشحن الأخضر العالمية عبر تقديم خدمات تزويد السفن بوقود مثل الأمونيا أو الميثانول، مما يجعلها وجهة مفضلة للسفن الراغبة في تقليل انبعاثاتها الكربونية.
تحديات رئيسية تعيق التقدم في هذا المجال
تم التأكيد أيضًا على وجود تحديات رئيسية تعيق التقدم في هذا المجال، مثل التكلفة المرتفعة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والحاجة إلى تأسيس بنى تحتية ذات تكلفة عالية، بالإضافة إلى المطالب التقنية المتعلقة بتحلية المياه واستخدامها المستدام، وضمان الالتزام بمعايير السلامة خلال عمليات النقل والتخزين.
لإنجاح هذه الحلول، ينبغي اعتماد استراتيجيات عملية قابلة للتنفيذ:
على المدى القصير (1–3 سنوات):
– إعداد قائمة انبعاثات دقيقة لكل ميناء والمنطقة الاقتصادية المعنية لتحديد الوضع البيئي بوضوح.
– إطلاق مشاريع تجريبية مثل تشغيل الأرصفة المكهربة أو استخدام معدات معتمِدة على خلايا وقود الهيدروجين.
– تعديل التشريعات والمعايير لضمان التعامل الآمن مع الهيدروجين الأخضر والأمونيا داخل نطاق المناطق الاقتصادية.
أقرا أيضا