احتجاج يهودي واسع أمام فندق ترامب في نيويورك: لا باسمنا… أوقفوا تجويع غزة
اليهود الأمريكيون يرفعون أصواتهم: احتجاج أمام فندق ترامب لوقف الحرب في غزة

في مشهد رمزي قوي يجسد تحوّلاً داخل قطاعات من الجالية اليهودية الأمريكية، اعتقلت شرطة نيويورك أكثر من 40 شخصًا مساء الاثنين، خلال احتجاج نظمه المئات أمام فندق ترامب الدولي، مطالبين بإنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة، ووقف ما وصفوه بسياسة “التجويع الممنهج” التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، بدعم مباشر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
“ليس باسمنا”: يهود أمريكيون يصرخون في وجه الحرب والتجويع
نُظّم الاحتجاج بدعوة من جماعة “IfNotNow”، وهي حركة يهودية أمريكية مناهضة للاحتلال، اجتمع المشاركون بداية عند ساحة “كولومبوس سيركل” تحت شعار “ترامب: اليهود يقولون كفى”. المحتجون رفعوا لافتات كُتب عليها “أوقفوا التطهير العرقي”، و”لا للتجويع في غزة”، و”ليس باسمنا”، في رسالة صريحة مفادها أن دعم إسرائيل لا يُمثلهم كيهود، بل يتعارض مع مبادئهم الدينية والإنسانية.
خلال المظاهرة، ألقت مورياه كابلان، المديرة التنفيذية المؤقتة لحركة IfNotNow، خطابًا مؤثرًا قالت فيه: “دعونا لا نلتف على الحقيقة، حصار الحكومة الإسرائيلية لغزة هو سياسة تطهير عرقي عبر التجويع القسري الجماعي”. وأضافت: “إنه أمر لا يُحتمل، لا يُمكن وصفه، ومهين لإنسانيتنا المشتركة”.
دعوات لتدخل أمريكي جاد: “مارسوا ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل”
لم تقتصر المطالب على التنديد الرمزي، بل كانت الرسائل واضحة تجاه إدارة ترامب، إذ دعت كابلان البيت الأبيض إلى استخدام نفوذه للضغط على إسرائيل لفتح الممرات الإنسانية بشكل جاد وفعلي، وليس مجرّد وعود. وقالت: “نحتاج إلى تحرّك ملموس لإنهاء هذه الفظائع، وألا تبقى تصريحات الإدارة مجرد حبر على ورق”.
وشارك في الاحتجاج عدد من الشخصيات البارزة من داخل المجتمع اليهودي الأمريكي، بينهم الحاخام جيل جاكوبس، والمدافعة الحقوقية روث ميسنجر، إضافة إلى مراقب مالية مدينة نيويورك براد لاندر، الذي ربط توقيت الاحتجاج مع يوم “تِيشَع بآف” اليهودي، يوم الحداد على تدمير الهيكل في التاريخ اليهودي، قائلاً: “ما نشهده اليوم من دمار وتجويع وتدمير للمجتمعات في غزة، يفرض علينا أن نرفع أصواتنا كيهود”.
رسائل من الداخل الأمريكي: مسؤولون سابقون ينضمون للاحتجاج
من أبرز المشاركين أيضًا كانت ليلي غرينبرغ كول، المسؤولة السابقة في وزارة الداخلية الأمريكية، والتي استقالت علنًا في مايو 2024 احتجاجًا على موقف إدارة بايدن السابق من الحرب في غزة. تحدثت غرينبرغ إلى “الغارديان” خلال المظاهرة قائلة: “كنت أول مسؤولة يهودية تستقيل علنًا بسبب الدعم غير المشروط لإسرائيل. واليوم، أرى وجوهًا جديدة تنضم للاحتجاج. هناك شيء ما يتغيّر، والناس بدأت تستفيق”.
وأشارت إلى أن المشاركة في الميدان هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام الأمريكيين لوقف استخدام ضرائبهم في دعم الحرب: “لدينا كأمريكيين، وخصوصًا كيهود أمريكيين، مسؤولية أخلاقية لمعارضة ما يحدث باسمنا”.
اعتقالات واحتجاج سلمي ينتهي على وقع القيود الأمنية
مع اقتراب الساعة الثامنة مساءً، بدأ المتظاهرون المسير نحو فندق ترامب الدولي، وجلسوا أمامه في الشارع مرددين الأناشيد والهتافات السلمية. وبعد حوالي ربع ساعة، بدأت شرطة نيويورك باعتقال المتظاهرين بتهمة إغلاق الطريق العام، فيما قدّرت “الغارديان” عدد المعتقلين بأكثر من 40 شخصًا، جرى نقلهم في حافلات للشرطة، فيما انفضّ الحشد لاحقًا.
وعقب الحادثة، أصدرت حركة IfNotNow بيانًا صحفيًا وصفت فيه هذه التعبئة بـ”التحالف الأوسع في المجتمع اليهودي الأمريكي ضد جرائم غزة خلال العامين الماضيين”، مؤكدة أنها تمثّل “الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين الذين يشعرون بالغضب والعار من أفعال الحكومة الإسرائيلية”.
الغضب اليهودي يتسع: أزمة أخلاقية داخل الهوية الدينية والسياسية
ما يميّز هذا الاحتجاج عن سابقيه هو المشاركة الواسعة ليهود أمريكيين من خلفيات متنوعة، دينية وسياسية، في تحدٍ صارخ لخطاب اليمين الإسرائيلي الذي يزعم احتكار تمثيل اليهودية عالميًا. المحتجون لم يرفضوا السياسات الإسرائيلية فقط، بل نبذوا استخدامها الرموز الدينية اليهودية لتبرير القصف والحصار. إنّ مشهد حاخامات وحقوقيين ومواطنين عاديين يهتفون أمام فندق يحمل اسم الرئيس الأمريكي المؤيد للحرب، هو رسالة ثقيلة الدلالة: هناك شرخ داخلي يتنامى بين دعم إسرائيل كدولة، وبين قيم العدل والمساواة التي يؤمن بها العديد من اليهود.