تقارير التسلح

روسيا ترفع التجميد عن صواريخ INF: ديميتري ميد فيديف يحذر الغرب من واقع جديد يجب التعايش معه

روسيا تعيد نشر صواريخ INF: تصعيد عسكري يغيّر قواعد اللعبه

في تحوّل خطير يعكس التصعيد المستمر بين روسيا والغرب، أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، أن قرار موسكو رفع التجميد عن نشر الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى (المعروفة اختصارًا بـ INF) يمثّل “واقعًا جديدًا” يجب على خصوم روسيا أن يواجهوه. ميدفيديف لم يكتفِ بهذا التحذير، بل أضاف عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “توقّعوا خطوات إضافية”، في إشارة ضمنية إلى أن ما هو قادم ربما سيكون أكثر إثارة للقلق من مجرد إنهاء التجميد.

 

انهيار الالتزام الذاتي: الرد الروسي على السياسات الغربية

وجاء إعلان ميدفيديف بعد تصريح رسمي صادر عن وزارة الخارجية الروسية يوم 4 أغسطس، أكدت فيه أن موسكو لم تعد تعتبر نفسها مقيّدة بالقيود الذاتية التي كانت قد فرضتها على نفسها بشأن نشر هذا النوع من الصواريخ. وأوضحت الوزارة أن السبب الرئيسي وراء هذا القرار هو سلسلة من الإجراءات “العدائية” التي اتخذها ما وصفته بـ”الغرب الجماعي”، خاصةً من قبل دول الناتو، والتي أسهمت في تقويض مبررات الالتزام بالمبادرة الروسية الأحادية السابقة.

 

صواريخ INF: إرث الحرب الباردة يعود إلى الواجهة

معاهدة INF، الموقعة عام 1987 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، كانت تهدف إلى القضاء على الصواريخ النووية والتقليدية التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر. لكن انهيار المعاهدة رسميًا في 2019 بعد انسحاب واشنطن بسبب اتهامات بانتهاكات روسية، فتح الباب أمام سباق تسلح جديد. ورغم إعلان روسيا آنذاك التزامًا طوعيًا بعدم نشر هذه الصواريخ في أي منطقة ما لم تقم الولايات المتحدة أو حلفاؤها بذلك أولًا، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الكرملين بات يعتبر هذه “الضمانات” عديمة الجدوى في ضوء ما يصفه بتزايد التهديدات العسكرية الغربية قرب حدوده.

 

التهديدات الغربية: تزايد التواجد العسكري في شرق أوروبا

يرى محللون روس أن الغرب – وخاصةً الناتو – تجاوز خطوطًا حمراء بتوسيع بنيته العسكرية شرقي أوروبا، وزيادة عدد القواعد والأنظمة الدفاعية الهجومية قرب الحدود الروسية، فضلًا عن تلميحات أمريكية بإمكانية نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا وأوروبا. وبالنسبة لموسكو، فإن هذه الخطوات لم تعد مجرد احتواء، بل تهديد مباشر يستدعي الرد بالمثل، وفق ما جاء في بيان الخارجية الروسية. ولعل تصريح ميدفيديف الأخير هو بمثابة إعلان بأن روسيا قد تلجأ إلى نشر هذه الصواريخ فعليًا في مناطق استراتيجية إذا تطلّب الأمر، وهو ما يزيد من احتمالات التصعيد في الساحة الأوروبية.

 

سباق تسلح جديد أم ضغط سياسي؟

يشير مراقبون إلى أن القرار الروسي قد لا يكون مجرد استعداد عسكري، بل أيضًا أداة ضغط سياسي لإعادة التفاوض مع الغرب بشأن نظام أمني أوروبي جديد أكثر توازنًا، من وجهة نظر موسكو. فإعلان رفع التجميد عن صواريخ INF لا يعني بالضرورة نشرًا فوريًا، لكنه يبعث برسالة قوية إلى واشنطن وبروكسل مفادها أن موسكو لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام ما تعتبره تجاوزات استراتيجية تمسّ أمنها القومي.

 

مستقبل غامض في ظل التصعيد المستمر

يبدو أن العلاقات الروسية الغربية تدخل مرحلة أكثر هشاشة وخطورة، خصوصًا في ظل الأزمات المتراكمة في أوكرانيا، والتوسع العسكري لحلف الناتو، والانهيار المتدرج لما تبقى من منظومة الحد من التسلح. وإذا قررت روسيا فعليًا نشر صواريخ INF في أماكن مثل كالينينغراد أو القطب الشمالي أو حتى في دول حليفة خارج أوروبا، فقد يؤدي ذلك إلى تحولات كبرى في توازن القوى الإقليمي، وقد يتطلب من الغرب إعادة التفكير في حساباته العسكرية والدبلوماسية.

اقرا ايضَا…

الهند وباكستان: صراع السماء بين التفوق العددي والتكتيك السريع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى