تفاقم التوترات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة

لا تزال التوترات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، تتصاعد على خلفية الخلاف المستمر حول سد النهضة الإثيوبي الكبير وملف تقاسم مياه نهر النيل. ورغم مرور أكثر من عقد على بدء المشروع، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وهو ما تعتبره مصر والسودان مسألة أمن قومي ووجودي.
تصريحات أبي أحمد تفتح جولة جديدة من الردود
أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد تصريحات جديدة، أكد فيها أن بلاده تتوقع أن يحقق سد النهضة إيرادات سنوية تصل إلى مليار دولار، داعياً إلى “تعاون بناء” بين إثيوبيا وكل من مصر والسودان. هذه التصريحات، التي بدت كمحاولة للتهدئة، لم تلقَ قبولاً لدى دولتي المصب، اللتين سرعان ما ردتا باتخاذ خطوات عملية لمراقبة الأوضاع المائية في حوض النيل.
خطوات مصر والسودان: التنسيق ومراقبة الهيدرولوجيا
عقد وزير الري المصري هاني سويلم، ونظيره السوداني عصمت قرشي عبد الله، اجتماعًا في القاهرة تم خلاله بحث ملفات التعاون المشترك في مجال الموارد المائية ومراقبة هيدرولوجيا النيل، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق في تشغيل السدود القائمة على مجرى النهر. ويبدو أن هذا الاجتماع يأتي كرد مباشر على تصريحات الجانب الإثيوبي، ويعكس رغبة مصر والسودان في التصعيد السياسي والفني ضمن الإطار الدبلوماسي.
التمسك بالقانون الدولي للمياه
شدد الوزيران في بيان مشترك على أهمية “الالتزام التام بقواعد القانون الدولي للمياه”، لا سيما فيما يتعلق بمشروعات السدود الكبرى العابرة للحدود، مثل سد النهضة. كما ناقشا موقف “مبادرة حوض النيل”، وأكدا ضرورة الحفاظ على مسارها باعتبارها الإطار الجامع لدول الحوض، بما يراعي شواغل مصر والسودان ويعزز مبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه.
فشل مسار التفاوض السابق
في ظل هذه المستجدات، يبرز فشل الجولة الرابعة والأخيرة من مفاوضات سد النهضة في عام 2023 كعلامة واضحة على عمق الأزمة. تلك الجولة، التي أُجريت بوساطة أفريقية، انتهت دون التوصل لأي اتفاق، ما أثار خيبة أمل لدى مصر والسودان، اللتين حملتا إثيوبيا المسؤولية الكاملة بسبب ما وصفوه بـ”المواقف المتعنتة ورفض الحلول الوسط”.
الاتهامات المصرية: رفض إثيوبي لأي حلول توافقية
بحسب التصريحات الرسمية المصرية، فإن فشل التوصل إلى اتفاق يرجع إلى “استمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة على مدى سنوات”، والتي حالت دون الوصول إلى أي صيغة توافقية تحفظ مصالح الدول الثلاث. وتطالب مصر منذ سنوات باتفاق قانوني وملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، يراعي فترات الجفاف ويضمن حصتها التاريخية في المياه، بينما تصر إثيوبيا على حقها السيادي في تطوير مواردها المائية دون قيود خارجية.
مستقبل غامض للمفاوضات
أمام هذا المشهد المعقد، يظل مستقبل المفاوضات غامضًا، خاصة في ظل انعدام الثقة بين الأطراف الثلاثة، واستمرار إثيوبيا في تشغيل السد بشكل أحادي. ومع غياب ضغوط دولية فعّالة أو وساطة ناجحة، يبدو أن ملف سد النهضة سيظل مصدرًا للتوتر الإقليمي، وربما لأزمات أوسع في حال تفاقم النزاع.