طاقة

الطاقة الشمسية تنقذ السودانيين في ظل انقطاع الكهرباء المستمر

في بلدٍ يرزح تحت وطأة الحرب والانهيار الاقتصادي وانقطاع التيار الكهربائي، تحولت أشعة الشمس إلى مصدر أمل وحياة للسودانيين. لم تعد الألواح الزرقاء فوق أسطح المنازل أو على عربات الباعة المتجولين مجرد كماليات، بل أصبحت عنصرًا حيويًا للتكيّف والبقاء وسط أزمات متلاحقة عطلت كل مظاهر الحياة.

الطاقة الشمسية تغزو المدن والقرى

في شوارع الخرطوم وأسواق أم درمان وحتى القرى النائية، بات مشهد الأنظمة الشمسية المحمولة والمثبتة حاضرًا بقوة. ومع انهيار شبكة الكهرباء الوطنية وتوقف محطات التوليد التقليدية، وجد الناس أنفسهم أمام حل وحيد لا ينضب: الشمس.

وتحوّلت الطاقة الشمسية إلى خيار إجباري للأسر، والمحال التجارية، والمستشفيات، وحتى الآبار ومحطات المياه، وسط شلل تام في البنية التحتية، وندرة حادة في الوقود اللازم لتشغيل المولدات.

من المستشفيات إلى محطات المياه.. الشمس تنقذ الأرواح

في سابقة لافتة، أعادت الطاقة الشمسية تشغيل محطة مياه نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تعطّلت منذ أسابيع نتيجة غياب الكهرباء والديزل. المحطة التي تغذي آلاف السكان أصبحت الآن تعتمد على منظومة شمسية متكاملة وفّرتها منظمات محلية ودولية، ما مكّن الأهالي من الحصول على مياه نظيفة بعد معاناة طويلة.

وفي مدينة شندي بولاية نهر النيل، أُجريت قبل أيام عملية جراحية ناجحة في مستشفى شندي التعليمي داخل غرفة عمليات النساء والتوليد، بفضل نظام طاقة شمسية بديل، زُوّدت به المستشفى مؤخرًا. وأكد الطاقم الطبي أن البديل الشمسي ساهم في إنقاذ حياة المرضى، في وقت يعجز فيه المستشفى عن تشغيل أجهزته الحيوية بفعل الانقطاع المستمر للتيار.

إقبال متزايد رغم التكاليف

يقول أحمد أبوبكر، تاجر معدات الطاقة الشمسية في سوق أم درمان، إن الطلب تضاعف بشكل كبير منذ بداية الحرب، خاصة من قبل أصحاب المحال التجارية والأسر التي تسعى لتأمين مصدر كهرباء مستقر داخل المنازل.

ويضيف:

“المولدات أصبحت بلا جدوى مع اختفاء الوقود وارتفاع أسعاره، الناس اليوم يشترون الطاقة الشمسية لأنها أضمن وأقل تكلفة على المدى الطويل.”

وأشار أبوبكر إلى أن الأسعار تختلف حسب الحجم والقدرة الإنتاجية، وتتراوح بين 250 ألف جنيه سوداني (أقل من 100 دولار) للأنظمة البسيطة، وتصل إلى ثلاثة ملايين جنيه (نحو ألف دولار) للأنظمة الأكبر القادرة على تشغيل أجهزة كهربائية متعددة.

الحرب تخلق واقعًا جديدًا

مع استمرار الحرب في السودان وغياب الحلول السياسية والاقتصادية، يجد المواطنون أنفسهم مجبرين على ابتكار وسائل بديلة للحياة، وسط الانهيار التام للخدمات العامة. وفي حين تفشل الدولة في تأمين الكهرباء والماء، يثبت السودانيون مرة أخرى قدرتهم على التكيّف والصمود، مستفيدين من مورد طبيعي لم تُطفئه الحرب: الشمس.

اقرأ أيضاً:

الصين تُلزم المنصات بوضع علامات على المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى