عرب وعالم

ترامب يعترف بخطأ تقديراته تجاه بوتين ويدعو لعقوبات مشروطة

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية بتصريحات مثيرة للجدل حول الحرب في أوكرانيا والعلاقات الدولية مع روسيا والصين. فقد أعلن ترامب أنه لن يفرض عقوبات إضافية على موسكو إلا إذا التزمت جميع دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” بخطوات اقتصادية متشددة ضد الصين، معتبرًا أن الضغط على بكين سيجبرها على دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو إنهاء الحرب. اعتراف ترامب بخطأ تقديره لرغبة بوتين في السلام شكل مفاجأة، خاصة بعد تعهداته السابقة بإنهاء النزاع. وبينما يواصل البيت الأبيض الضغط على أوروبا لتحمل النصيب الأكبر من المواجهة الاقتصادية، تزداد الخلافات بين الحلفاء حول النفط الروسي وسبل مواجهة التمدد الروسي.

 

اعتراف غير متوقع

 

في خطوة لافتة، أقر ترامب أمام مقربين منه بأنه أساء تقدير نوايا بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وجاء ذلك بعد شهر من لقائهما في ألاسكا، حيث كان ترامب قد هدّد بعواقب “وخيمة” إذا لم يتجه الرئيس الروسي نحو وقف إطلاق النار أو التفاوض. إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، إذ استمر بوتين في مواقفه المتشددة. هذا الاعتراف يعكس تحولًا في خطاب ترامب الذي طالما قدم نفسه كقائد قادر على إقناع موسكو بإنهاء الحرب، لكنه الآن يظهر بموقف أكثر تحفظًا وحذرًا حيال تأثيره المباشر على الكرملين.

 

رسالة إلى الناتو والعالم

 

نشر ترامب عبر منصته “تروث سوشيال” رسالة صريحة لدول الناتو والعالم، أكد فيها أنه مستعد لفرض عقوبات واسعة على روسيا بشرط أن يلتزم الحلفاء بالخطوة نفسها. وشدد على ضرورة وقف جميع مشتريات النفط الروسي، معتبرًا أن استمرار بعض الدول في استيراده يضعف الموقف التفاوضي أمام موسكو. كما طالب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين تتراوح بين 50% و100%، مؤكّدًا أن بكين تملك نفوذًا كبيرًا على موسكو، وأن الضغط الاقتصادي عليها هو السبيل الأسرع لإجبار بوتين على إنهاء الحرب.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا

النفط الروسي في قلب الأزمة

 

رغم تهديداته المتكررة، لم يفرض ترامب عقوبات جديدة منذ قمة ألاسكا، مكتفيًا بتحويل العبء إلى أوروبا. إذ تطالب واشنطن الاتحاد الأوروبي بزيادة العقوبات على روسيا والصين بسبب استمرار شراء النفط الروسي. وتبرز المجر وسلوفاكيا كأبرز الدول الأوروبية التي تواصل استيراد النفط، بينما أصبحت تركيا ثالث أكبر مشترٍ بعد الصين والهند. هذا التباين بين مواقف الحلفاء يخلق تحديات أمام تشكيل جبهة موحدة، ويعكس عمق الانقسامات داخل الناتو حول كيفية التعامل مع موسكو دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية لكل دولة.

 

جبهة اقتصادية ضد موسكو

 

بالتزامن مع تصريحات ترامب، عقد وزراء مالية مجموعة السبع اجتماعًا افتراضيًا لمناقشة تعزيز الضغوط على روسيا. ودعا وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، إلى فرض رسوم وعقوبات على كل دولة تشتري النفط الروسي، بينما أكد الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير أهمية بناء جبهة اقتصادية موحدة لحرمان موسكو من العائدات التي تمول حربها. ومع ذلك، تبقى قدرة الحلفاء على الالتزام الكامل بهذه التوجهات موضع تساؤل، في ظل اعتماد بعض الاقتصادات الأوروبية على الطاقة الروسية وصعوبة إيجاد بدائل سريعة.

 

موازنة معقدة بين السياسة والاقتصاد

 

تعكس مواقف ترامب الأخيرة تباينًا واضحًا بين رغبته في الظهور بمظهر القائد الحازم وبين إدراكه للقيود الواقعية التي يواجهها الحلف. فبينما يسعى لفرض استراتيجية قائمة على الضغط الاقتصادي المزدوج ضد روسيا والصين، يواجه تحديات داخلية وخارجية تتعلق بتوافق الحلفاء ومصالحهم المتضاربة. هذه التطورات تؤكد أن ملف الحرب في أوكرانيا لم يعد مجرد أزمة عسكرية، بل تحوّل إلى معركة اقتصادية عالمية معقدة، ستحدد مآلاتها قدرة الغرب على توحيد صفوفه في مواجهة النفوذ الروسي المتزايد.

ترامب وزيلينسكي داخل أروقة البيت الأبيض

اقرأ أيضاً

قوافل دولية تبحر من تونس نحو غزة لكسر الحصار الإسرائيلي

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى