اخبار عاجلة

هل تنجح المبادرة الفرنسية في إنقاذ حل الدولتين بعد 75 عاماً من الفشل الدبلوماسي؟

في لحظة دولية مشحونة بالصراعات والأزمات، طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرة جديدة تهدف إلى إعادة إحياء حل الدولتين بعد انتهاء الحرب في غزة. المبادرة التي عُرفت بـ”إعلان نيويورك”، جاءت ثمرة تعاون فرنسي-سعودي امتد لستة أشهر، وحازت على دعم 142 دولة. لكنها، في الوقت نفسه، تفتقر إلى أهم عنصرين لنجاحها: موافقة إسرائيل ودعم الولايات المتحدة.

تفاصيل المبادرة الفرنسية

المبادرة تتضمن خطة من 42 نقطة تُعرف باسم “اليوم التالي”، وتدعو إلى خطوات عملية وملموسة لإعادة إعمار غزة وضمان انتقال سياسي يفتح الطريق أمام حل الدولتين. من بين هذه الخطوات: تشكيل لجنة إدارية انتقالية لإدارة القطاع، ونشر قوة استقرار بإشراف الأمم المتحدة لتأمين الأمن، إضافة إلى الدعوة لتسليم حركة حماس سلاحها وإنهاء سيطرتها على غزة.

اعتراف فرنسي بدولة فلسطين

أعلن ماكرون أنه سيعترف رسمياً بدولة فلسطين بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة يقول إنها ضرورية لإبقاء الأمل بحل الدولتين على قيد الحياة. منذ يوليو، تبنّت عدة دول كندا وبريطانيا وكندا الموقف ذاته، بينما يتوقع أن تنضم المزيد من الدول خلال القمة الأممية المقبلة.

الغياب الأمريكي والإسرائيلي

أكبر عائق أمام نجاح المبادرة هو الرفض القاطع من إسرائيل والولايات المتحدة. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد رفضه المطلق لأي حديث عن دولة فلسطينية، فيما هاجمت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب المبادرة، وضغطت على حلفائها لعدم التوقيع عليها. أما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فقد وصف الاعتراف بدولة فلسطين بأنه “رمزي” و”يعزز حماس”.

السياق الميداني: غزة تحت النار

تأتي المبادرة بينما تشهد غزة واحدة من أعنف الهجمات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب قبل نحو ثلاث سنوات، حيث نزح مئات الآلاف من السكان نتيجة القصف المتواصل على وسط القطاع. هذا الواقع يجعل الحديث عن إعادة إعمار أو انتقال سياسي أمراً معقداً، ويضع المبادرة الفرنسية في مواجهة تحديات كبرى على الأرض.

الموقف العربي والإقليمي

اللافت أن المبادرة حظيت بدعم واسع من دول عربية، بما في ذلك بعض الدول التي ترتبط تاريخياً بعلاقات مع حركة حماس. فقد أدان الإعلان هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وطالبها بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وإنهاء سيطرتها على غزة. هذا التوافق العربي-الأوروبي يُعتبر من وجهة نظر باريس اختراقاً دبلوماسياً مهماً.

الضغوط الدولية على إسرائيل

ترى باريس أن رفض إسرائيل والولايات المتحدة لا يلغي قيمة المبادرة، بل يعكس تزايد عزلة هاتين الدولتين أمام الإجماع الدولي المتنامي لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية. فبالنسبة لماكرون، مجرد اعتراف أكثر من 140 دولة بفلسطين يشكل ورقة ضغط سياسية على إسرائيل لإعادة النظر في مواقفها المتشددة.

مقارنة مع مبادرات سابقة

يُشبه كثيرون هذه المبادرة بمحاولات أوروبية سابقة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي انتهت بالفشل منذ خطة تقسيم 1947 وحتى “اتفاق أوسلو”. لكن ماكرون يصرّ على أن الواقع الراهن يتطلب محاولة جديدة مهما بدت مثالية أو بعيدة عن التطبيق.

مستقبل المبادرة: بين الواقع والطموح

رغم ما تحمله من طموحات، تبقى المبادرة الفرنسية رهينة لعوامل معقدة: غياب الإرادة السياسية لدى إسرائيل، الانقسام الفلسطيني الداخلي، ورفض الولايات المتحدة لأي اعتراف أحادي بدولة فلسطين. ومع ذلك، يرى أنصار الخطة أنها تمثل “نافذة أمل أخيرة” لإنقاذ حل الدولتين من الاندثار الكامل، وسط مساعٍ إسرائيلية متزايدة لضم الضفة الغربية وتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي.

اقراء أيضاً:

تقرير تحليلي: هل يمكن أن يعيش بوتين وشي إلى الأبد؟ هواجس الخلود وانعكاساتها على السياسة العالمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى