عرب وعالم

غضب إسرائيلي عارم بعد توسع الاعتراف الدولي بفلسطين

شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من الاضطراب والغليان عقب إعلان كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا اعترافها بالدولة الفلسطينية، وهي خطوة وُصفت بأنها تاريخية وتشكل ضغطًا إضافيًا على الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكد أن الاعتراف يأتي كجزء من مساعٍ لإنهاء الصراع في غزة وتعزيز السلام الدائم بين الشعبين، مشددًا على أن هذه الخطوة ليست مكافأة لحماس بل ركيزة أساسية لحل الدولتين. وبذلك يرتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 159 دولة حول العالم، ما يعكس تحولًا متسارعًا في المواقف الدولية يثير جدلاً واسعًا في إسرائيل.

 

غضب اليمين المتطرف وتصعيد التهديدات

 

أثار القرار موجة غضب واسعة داخل أوساط اليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث اعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير أن الاعتراف مكافأة لما وصفه بـ”الإرهاب”. وأعلن عزمه طرح مشروع لضم الضفة الغربية خلال اجتماع الحكومة المقبل، داعيًا إلى تفكيك السلطة الفلسطينية بشكل كامل. تصريحات بن جفير جاءت لتعكس تصاعد حدة المواقف داخل الحكومة الإسرائيلية، وسط مطالبات بإجراءات فورية و”سيادية” على الأراضي المحتلة، في محاولة للرد على الخطوة الغربية التي وُصفت في إسرائيل بالاستفزازية والخطيرة على أمنها.

 

لابيد: فشل دبلوماسي لحكومة نتنياهو

 

لم يقتصر الغضب على معسكر اليمين، إذ اعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد أن اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية يمثل “كارثة دبلوماسية” لإسرائيل. وأكد لابيد أن حكومة نتنياهو كان يمكنها تفادي هذه الخطوة عبر عمل دبلوماسي أكثر فاعلية وحوار جاد مع العواصم الغربية. وانتقد المعارضة بشدة الأداء الحكومي الذي وصفه بالضعيف، محملًا نتنياهو المسؤولية عن “أسوأ أزمة دبلوماسية” تواجهها إسرائيل منذ سنوات. في السياق ذاته، دعا مجلس مستوطنات الضفة إلى عقد اجتماع عاجل واتخاذ قرار فوري بضم الضفة الغربية، معتبرًا أن التردد يعمّق عزلة إسرائيل.

 

مخاوف من إبعاد صفقة المحتجزين

 

عبّر بيني جانتس، عضو الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية، عن قلقه من موجة الاعترافات الدولية بفلسطين، معتبرًا أنها ستشجع حماس وتطيل أمد الحرب الجارية. وقال جانتس إن أي حديث عن سلام لا بد أن يسبقه ضغط مكثف على حماس للتخلي عن السلطة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. وشدد على أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لن يجلب الاستقرار للمنطقة، بل قد يعرقل التوصل إلى تسوية أو اتفاق حول الأسرى. تصريحات جانتس عكست مخاوف المؤسسة الأمنية من أن يتحول الاعتراف الدولي إلى ورقة ضغط على إسرائيل بدلًا من أن يفتح باب الحلول السياسية.

 

دعوات متزايدة لضم الضفة الغربية

 

تواصلت ردود الفعل الغاضبة داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث هاجم رئيس الكنيست أمير أوهانا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر واعتبره منحازًا، فيما دعا وزير الرياضة ميكي زوهار إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية ردًا على ما وصفه بـ”المواقف المعادية للسامية”. وفي وقت سابق، كان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قد اقترح ضم نحو 82% من أراضي الضفة الغربية، في خطوة تستهدف منع قيام دولة فلسطينية. هذه الدعوات تزايدت بشكل لافت عقب الاعترافات الأخيرة، ما يعكس توجها متناميا داخل اليمين الحاكم لفرض حلول أحادية الجانب.

 

موقف فلسطيني: خطوة نحو السلام

 

رحّب الجانب الفلسطيني بقرار بريطانيا وكندا وأستراليا، حيث اعتبر الرئيس محمود عباس أن الاعتراف يمثل خطوة أساسية وضرورية على طريق السلام العادل والدائم وفق الشرعية الدولية. وأكد مكتب الرئاسة الفلسطينية أن هذه التطورات تفتح الباب أمام تعزيز فرص حل الدولتين واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة. بدورها، قالت وزيرة الخارجية فارسين أغابيكيان شاهين إن القرارات الأخيرة تمثل تحولًا لا رجعة فيه يقرّب الفلسطينيين من الاستقلال والسيادة. هذا الترحيب الفلسطيني عكس إدراكًا لأهمية اللحظة السياسية، باعتبارها بداية لمرحلة جديدة من الاعتراف الدولي بالقضية الفلسطينية.

 

أزمة مفتوحة على احتمالات متعددة

 

تضع هذه الاعترافات المتتالية إسرائيل أمام تحديات سياسية وأمنية غير مسبوقة، وسط انقسام داخلي حاد وتنامي الضغوط الدولية. وبينما يرى الفلسطينيون في هذه الخطوة بداية لمسار نحو السلام، يخشى الإسرائيليون من تداعياتها على الأمن الداخلي وعلى مستقبل التفاوض. وبين المواقف المتباينة، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة حساسة ستحدد شكل الصراع وربما معالم الحل السياسي خلال السنوات المقبلة.

اقرأ أيضاً

قافلة المساعدات الـ41.. مصر تواصل دعم غزة الإنسانية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى