الاقتصاد

تقرير BP: الطلب على النفط والغاز يرتفع ويهدد هدف “صفر انبعاثات” بحلول 2050

أعلنت شركة BP في تقريرها السنوي المرتقب أن الطلب العالمي على النفط والغاز سيظل أعلى مما كان متوقعًا، في إشارة واضحة إلى أن هدف الوصول إلى صفر انبعاثات صافية بحلول عام 2050 بات بعيد المنال. هذه التقديرات، التي جاءت بعد مراجعة صعودية لأرقام الاستهلاك، تثير مخاوف من أن التحول نحو الطاقة النظيفة يشهد تباطؤًا يهدد الجهود الدولية للحد من الاحترار العالمي.

أرقام صادمة: النفط والغاز في صدارة المشهد

وفقًا للتقرير، من المتوقع أن يصل استهلاك النفط إلى 83 مليون برميل يوميًا بحلول 2050، مقارنة بالتقديرات السابقة التي توقعت 77 مليون برميل. أما الطلب على الغاز الطبيعي فقد يرتفع إلى 4,806 مليار متر مكعب سنويًا في العام نفسه، بزيادة نسبية عن التقديرات السابقة.

لكن لتحقيق مسار متوافق مع أهداف المناخ، كان يتعين أن ينخفض استهلاك النفط إلى 35 مليون برميل يوميًا بحلول 2050. في المقابل، تتوقع BP أن يبلغ الطلب ذروته عند 103 ملايين برميل يوميًا في 2030، أي بعد خمس سنوات من التقديرات السابقة.

الجغرافيا السياسية تعيد ترتيب الأولويات

أوضح سبنسر دايل، كبير الاقتصاديين في BP، أن التوترات الجيوسياسية – من حرب أوكرانيا إلى أزمات الشرق الأوسط وازدياد الرسوم الجمركية – جعلت الدول تركّز بشكل أكبر على أمن الطاقة. وقال

“قد يعني ذلك لدى البعض تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، وتسريع التحول إلى الكهرباء المولدة محليًا من مصادر منخفضة الكربون. وربما نشهد بروز ما يُعرف بـ‘الدول الكهربائية’”.

لكن التقرير حذّر أيضًا من أن الميل إلى الطاقة المنتَجة محليًا قد يعزز في بعض الحالات الاعتماد على الوقود الأحفوري المحلي بدلًا من استيراده.

معضلة الحكومة البريطانية

نُشر التقرير في وقت يبحث فيه وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند عن وسائل لدعم عمليات التنقيب في بحر الشمال من دون كسر وعد انتخابي بعدم إصدار تراخيص جديدة للتنقيب في مناطق غير مستغلة من الجرف القاري البريطاني. هذا المأزق يعكس الصراع بين الحاجة إلى أمن الطاقة وضغوط الالتزام بالوعود المناخية.

الطاقة المتجددة تنمو… لكن ببطء

رغم النمو السريع للطاقة المتجددة، تشير التوقعات إلى أن النفط سيبقى المصدر الأكبر للطاقة الأولية عالميًا حتى منتصف الأربعينيات من هذا القرن، حيث سيشكل 30% من المزيج الطاقي في 2035. أما مصادر الطاقة المتجددة، فمن المتوقع أن ترتفع حصتها من 10% في 2023 إلى 15% في 2035، لكنها لن تتجاوز النفط قبل أواخر الأربعينيات.

خطر تجاوز “ميزانية الكربون”

حذّرت BP من أن استمرار النظام الطاقي في مساره الحالي يعني تجاوز ميزانية الكربون – أي الحد الأقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتاحة للبشرية للبقاء ضمن حد درجتين مئويتين من الاحترار – بحلول أوائل الأربعينيات. التأخير في التحرك، بحسب التقرير، سيزيد من التكلفة الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لتفادي أسوأ آثار التغير المناخي.

استراتيجيات متقلبة وضغوط المستثمرين

واجهت BP انتقادات حادة من ناشطين بيئيين بعد أن تخلّت عن بعض أهدافها الخضراء وعادت إلى التوسع في النفط والغاز. الخطة الخضراء التي تبناها المدير التنفيذي السابق برنارد لوني في 2020 تعرضت لانتكاسات مع ارتفاع أسعار الطاقة وخروجه المفاجئ في 2023. خلفه، موراي أوشينكلوس، أعلن عن “إعادة ضبط أساسية” تحت ضغط صندوق التحوط الناشط إليوت مانجمنت، الذي اشترى حصة مليارية في الشركة مطالبًا بعوائد أعلى للمستثمرين.

الصين… المحرك الأكبر للطاقة والانبعاثات

يتوقع التقرير أن يشكل كل من الطاقة الشمسية والرياح 80% من الزيادة في توليد الكهرباء بحلول 2035، نصفها في الصين. ورغم إعلان بكين خططًا لخفض انبعاثاتها بين 7% و10% من ذروتها بحلول 2035، يرى خبراء أن المطلوب هو خفض بنسبة 30% على الأقل.

بهذه المعطيات، يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة أكثر تعقيدًا من صراع المصالح بين أمن الطاقة والتزامات المناخ، وسط شكوك متزايدة حول إمكانية الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني في منتصف القرن.

اقرأ أيضاً:

وزير الإسكان يتفقد محطة تحلية مياه البحر بطاقة 10 آلاف م³/يوم ضمن استراتيجية ترشيد استهلاك الطاقة

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى