الاتحاد الأوروبي: بين مهمة السلام وتحديات الأمن

الاتحاد الأوروبي صُمم للسلام.. ولن يتحول إلى آلة حرب. في خطابها حول حالة الاتحاد الشهر الماضي، أكدت أورسولا فون دير لاين أن أوروبا تخوض “معركة من أجل قارة موحدة وآمنة”. تحليلها بدا صائبًا، لكن الحقيقة الواضحة أن الاتحاد الأوروبي ليس هو الأداة الكاملة لمواجهة التحديات الأمنية.
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق الأمن
فمنذ تأسيسه، لعب الاتحاد دورًا محوريًا في تحقيق الأمن عبر الدمج الاقتصادي والسياسي، وهو ما نجح في إنهاء صراعات تاريخية بين دول مثل فرنسا وألمانيا، وربط دول أوروبا الشرقية السابقة بمؤسسات تقيد احتمالات عودة النزاعات. كان المشروع الأوروبي مشروعًا للسلام بالأساس، هدفه الحد من الوصول إلى أدوات الحرب ودمج الدول في هياكل سياسية واقتصادية تمنع الهيمنة.
تحديات الاتحاد الأوروبي في مواجهة التهديدات الأمنية
لكن هذا التصميم المؤسسي – الذي يقوم على التوافق ومنح الدول الصغيرة نفوذًا كبيرًا – جعل الاتحاد غير مؤهل لاتخاذ قرارات عسكرية سريعة أو حاسمة. ففي قضايا الدفاع، لا يصلح الغموض أو التأجيل؛ القرارات تتطلب وضوحًا وسرعة، وهو ما لا تسمح به آليات الاتحاد.
التحديات الراهنة والبحث عن بدائل
اليوم، مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد التهديدات الروسية على الجبهة الشرقية، يجد الأوروبيون أنفسهم أمام معضلة: كيف يعززون أمنهم في ظل تراجع الالتزام الأميركي؟. الاتحاد الأوروبي يمكن أن يلعب دورًا في مجالات مثل تنسيق المشتريات الدفاعية وتعزيز التعاون الصناعي العسكري، لكنه يظل غير مناسب كإطار للتخطيط العسكري أو إدارة عمليات قتالية مشتركة.
المعضلة الأساسية والبحث عن مؤسسات أخرى
المعضلة الأساسية أن الاتحاد الأوروبي بُني لضبط القوى الكبرى داخل القارة، بينما التحدي الراهن يتطلب توحيد هذه القوى وتوجيهها نحو الخارج. ومع تشكيك الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أسس النظام الدولي بعد 1945، بات على الأوروبيين البحث عن مؤسسات أخرى أكثر ملاءمة لتنسيق الدفاع المشترك.
فالتحول من “مشروع سلام” إلى “مشروع حرب” ليس ممكنًا دون التضحية بجوهر الاتحاد الأوروبي نفسه، وهو ما قد يهدد إنجازاته الاقتصادية والسياسية التي شكلت أساس استقراره طوال عقود.