الاقتصاد

ارتفاع معدلات التضخم في مصر.. ناقوس خطر اقتصادي يتطلب حلولاً عاجلة.

من الأسواق إلى الجيوب.. قراءة في الأسباب العميقة للتضخم وتوقعات المشهد الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة.

تشهد مصر موجة جديدة من ارتفاع معدلات التضخم، لتعيد المخاوف إلى الواجهة بشأن القدرة الشرائية للمواطنين واستقرار الاقتصاد المحلي. ففي وقت يبحث فيه الناس عن حلول يومية لمواكبة الأسعار المتزايدة، وتسعى الحكومة إلى ضبط الإيقاع المالي وسط تحديات إقليمية ودولية متشابكة.

مزيج من العوامل الداخلية والخارجية

لا يمكن اختزال ارتفاع التضخم في عامل واحد، بل هو نتاج تراكمي لعوامل متعددة، أبرزها:

  •  تحرير سعر صرف الجنيه أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بشكل كبير.
  •  تأثيرات الحرب في أوكرانيا، والتي لا تزال تلقي بظلالها على أسعار الغذاء والطاقة عالمياً.
  • نقص العملة الأجنبية، الذي أثر على الاستيراد وخلق فجوة في العرض والطلب.
  •  زيادة تكاليف النقل والإنتاج نتيجة لارتفاع أسعار الوقود محلياً.

وأخيراً، العجز في الموازنة العامة الذي يُمول جزئياً عبر أدوات نقدية تضخمية، مثل طباعة النقود أو الاقتراض المحلي.

تأثير مباشر على حياة المواطنين

النتيجة المباشرة لهذا التضخم، هي تأكل القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، حيث أصبحت السلع أساسية مثل الغذاء والدواء، خارج متناول شريحة كبيرة من الأسر.

ووفقاً لاخر التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد تجاوز معدل التضخم السنوي في بعض الأشهر حاجز 30%، وهو مستوى لم يُسجل منذ سنوات طويلة.

كيف تتعامل الحكومة؟

تسعى الحكومة المصرية للسيطرة على الوضع عبر عدة إجراءات منها:

  •  التوسع في مبادرات الحماية الاجتماعية، مثل: “تكافل وكرامة” ودعم الخبز.
  • تعزيز الشراكة مع المؤسسات الدولية للحصول على تمويلات جديدة تدعم استقرار العملة.
  • تشجيع الاستثمار الأجنبي وتوطين الصناعات بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد.

ورغم هذه الجهود، يرى خبراء أن الحل الحقيقي يتطلب إصلاحاً هيكلياً طويل الأمد يوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.

ارتفاع التضخم في مصر ليس مجرد أرقام اقتصادية، بل هو تحدٍ اجتماعي ومعيشي مباشر، يتطلب شفافية في الطرح، وجرأة في الإصلاح، وتكاتفاً بين الدولة والمجتمع. المستقبل لم يُكتب بعد، لكن كتابة صفحة أفضل تبدأ بفهم الواقع… والعمل لتغييره.

سولين غزيم

صحفية سورية متخصصة فى الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى