بلد الأمن والأمان.. السيسي يصطحب ماكرون في جولة الى خان الخليلي
بلد الأمن والأمان.. السيسي يصطحب ماكرون في جولة الى خان الخليلي

حظيت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمنطقة الحسين وشارع خان الخليلي في قلب القاهرة باستقبال حافل، حيث نشر الحساب الرسمي للرئيس الفرنسي على منصة إنستجرام مقطع فيديو له يتجول في الأحياء التاريخية المصرية على أنغام أغنية “حلوة يا بلدي” للمغنية الراحلة داليدا.
وقد أثار هذا الفيديو تفاعلاً واسعاً من المواطنين الفرنسيين الذين عبّروا عن سعادته بزيارة ماكرون، حيث كتب العديد منهم تعليقات عبر الفيديو، معبرين عن شغفهم بمصر وأعجابهم بالعلاقات الفرنسية المصرية، كما توجه ماكرون بشكر خاص للرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري على هذا الاستقبال الحار، قائلاً: “هذه الحماسة وهذه الأعلام وهذه الطاقة التي تليق بخان الخليلي، تحية نابضة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا .
ورغم أن الساسة يعرفون الدولة بأنها أرض وسكان، يرى المصريون أن وطنهم هو أرض مقدسة، مليئة بالحياة والروح التي تشع في جميع أبنائها. وفي قلب العاصمة، وفي حي الجمالية العتيق، خان الخليلي، قام ماكرون بزيارة تاريخية، حيث سار إلى جانب الرئيس السيسي وسط البسطاء المصريين، وعلق على هذه الزيارة بأنها ليست مجرد مرور في الأزقة القديمة، بل تجربة حية، شاهد خلالها الحضارة المصرية بأبعادها الثقافية والإنسانية.
ماكرون، الذي ربما كان قد سمع عن خان الخليلي من الأدب المصري أو كتب تاريخية، اختبر لأول مرة هذا المكان الرائع على أرض الواقع، مراهناً على التاريخ والحضارة المصرية. فبينما كان يمشي برفقة السيسي، كان يسير أيضا في دروب ذاكرة الأمة المصرية، تلك الذاكرة التي تحكي قصص حضارة عمرها آلاف السنين.
تأتي هذه الزيارة في وقت يشهد فيه العالم تغييرات كبيرة على الصعيدين الدولي والإقليمي، حيث تتشكل ملامح نظام عالمي جديد يتطلب تعاوناً مثمراً بين الدول الكبرى، مثل مصر وفرنسا. وقد أكدت الزيارة على أهمية مصر الاستراتيجية في المنطقة، ليس فقط من خلال تاريخها العريق، ولكن أيضاً من خلال دورها المحوري في حل الأزمات الإقليمية.
كما شهدت الزيارة لقاءً ثلاثياً بين السيسي وماكرون والملك عبد الله الثاني، الذي تناول قضايا إقليمية مهمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وكان من بين أبرز محطات الزيارة، حضور ماكرون في جامعة القاهرة لتعزيز التعاون التعليمي، فضلاً عن توقيع اتفاقيات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الروابط بين البلدين في المجالات التجارية والاستثمارية بحسب صحيفة لوموند.
ولم تكن زيارة ماكرون لمصر مجرد زيارة سياحية، بل كانت تأملاً في الحضارة المصرية، حيث زار المتحف المصري الكبير للتعرف على تاريخ الفراعنة، والتأكيد على الأهمية الثقافية لهذا الإرث الذي يشكل جزءاً أساسياً من الهوية الإنسانية.
تفاعل الفرنسيين مع زيارة ماكرون لخان الخليلي
إلى جانب حالة التفاعل الواسعة التي لاقتها زيارة الرئيس الفرنسي لمنطقة الحسين، فقد لاقت تلك الزيارة البارزة أيضًا سعادة كبيرة من قبل العديد من المواطنين الفرنسيين، الذين بادروا بتدوين التعليقات الخاصة عبر الفيديو الخاص بزيارة ماكرون.
وأبرز ما جاء بين تعليقات المواطنين الفرنسيين على مقطع الفيديو المنشور: «مصر بلد حلمت بزيارته منذ الصف السادس، وأحب أن أذهب إلى هناك وأقابل السكان المحليين»، «مصر بلد الأمن والسلام»، «بالفعل، صداقة مصر وفرنسا تاريخية وممتدة، ونقدر هذه الزيارة التي تعكس عمق العلاقات بين البلدين».
وخلال الفيديو الذي نشره الحساب الرسمي لإيمانويل ماكرون، توجه الرئيس الفرنسي برسالة خاصة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضيافته له، وكذلك المصريين، والتي قال خلالها: «شكراً للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وللشعب المصري على هذا الاستقبال الحار، هذه الحماسة، وهذه الأعلام، وهذه الطاقة التي تليق بخان الخليلي، تحية نابضة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا».يقول الساسة “إن الدولة هي أرض لها حدود، يعيش عليها شعب”، لكن سدنة مصر يرونها – كما كانت منذ فجر التاريخ، وكما ستظل حتى آخر الزمان – أرضا مقدسة، يملؤها قلب نابض بالحياة، وتسكنها روح تضئ لكل أبنائها.
وإلى قلب مصر النابض، وإلى روح شعبها الوضاءة، تظل فرنسا، ويظل الفرنسيون يحملون شغفا عميقا بزيارة مصر؛ أرضا وشعبا، قلبا وروحا.
وهناك، في قلب العاصمة، في حي الجمالية العتيق، وتحديدا في درة الجمالية، خان الخليلي، جاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زائرا، برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أحب مصر، وتشرب عشقها من نبض روحها.
وكان السيسي وماكرون يسيران جنبا إلى جنب وسط المصريين البسطاء، ولكن الحضارة كانت هي من تخطو.. خطوة من باريس، وخطوة من الفسطاط، ولقاء بين زعيمين عند مفترق التاريخ.. عند بوابةٍ لا تغلق، اسمها: خان الخليلي.
تجول ماكرون بأريحية وأمان وسعادة في خان الخليلي وأزقته، واختزل مشاعره الجياشة لهذا اليوم التاريخي بكلمات شكر للرئيس السيسي وللشعب المصري على ترحيبهم الحار، قائلا:
“هذه الحماسة، وهذه الأعلام، وهذه الطاقة تليق بخان الخليلي: تحية نابضة بالحياة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا”.
كلمات ماكرون لم تكن مجاملة، بل اعتراف بحضارة خطت أول حروفها على ضفاف النيل، ونسجت معاني التحضر منذ فجر التاريخ.
ربما سمع ماكرون عن خان الخليلي من روايات نجيب محفوظ، أو قرأ عنه في “وصف مصر”، أو في آلاف الكتب الفرنسية التي تناولت تاريخ مصر وفنونها.. وربما من المقررات المدرسية التي تدرس الحضارة المصرية في مراحل التعليم الأولى بفرنسا.
لكن هذه المرة لم يكن الأمر سمعا فقط. لقد رأى وشعر مثلما سمع.. رأى الجمال، وسمع المحبة.. رأى الحفاوة الصادقة من شعب بسيط وعميق، يحتشد خلف قائده بثقة في رؤيته ونبل مقاصده.. رأى كيف يرحب المصريون بضيف رئيسهم، وكيف يحملون مودة لزعيم دولة صديقة تشاركهم حمل مشعل الحضارة والثقافة والجمال.
لم تكن الزيارة مجرد مرور في الأزقة القديمة، كان ماكرون يسير برفقة زعيم مصر يرى ويسمع صخب حفاوة الترحيب بينما ينصت بروحه للحجارة التي تحفظ الذاكرة، ويصغى للضوء المتسلل عبر مشربيات تحكي عن زمن لا يشيخ.
ماكرون رأى مصر.. ليس فقط بتاريخها، بل بروحها، بثقتها، وبقدرتها على قراءة الحاضر واستشراف المستقبل، تماما كما وصف يوما العلاقة بين البلدين بأنها “خيوط سرية تربط مصر بفرنسا عبر البحر المتوسط”.
وإذا كانت زيارة ماكرون لمصر تحمل دلالات متعددة، فإن توقيت الزيارة يزيدها عمقا tقد جاءت في لحظة يشهد فيها العالم غموضا في ملامح النظام الدولي، مع أفول وانصهار نظام عالمي صيغت نسخته الأخيرة مع نهايات الحرب العالمية الثانية، وبزوغ نظام آخر جديد لا تزال معالمه قيد التبلور.
نظام يحمل في ملامحه تنافسا محتدما حتى بين شركاء الأمس، خاصة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي القلب منه فرنسا.. وفي خضم هذا التحول، تدرك كل الأطراف، أن مصر – بثقلها الجيوسياسي، وإرثها الحضاري، وإمكاناتها البشرية والاقتصادية والعلمية – لا غنى عنها في صياغة معادلات الاستقرار.
فالشرق الأوسط، هذا الإقليم الذي يمس أوروبا وآسيا وأفريقيا، لا يستقر إلا بمصر، ولا يزدهر إلا بحكمتها.
وبين السياسة والتاريخ، بين الاقتصاد والفن، وبين القوة الناعمة والعسكرية، تحركت محطات الرئيس الفرنسي في مصر.. ومن هذا المنطلق، يأتي انعقاد لقاء القمة الثلاثي بين السيسي وماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ليؤكد توافق الرؤى إزاء قضايا الإقليم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، يزور ماكرون مدينة العريش، تأكيدا على موقف فرنسا الداعي لوقف إطلاق النار في غزة، واحتراما لمكانة مصر المحورية في هذا الملف.
وفي إدراك عميق لقيمة العلم، تأتي زيارة ماكرون اليوم لجامعة القاهرة، منارة المعرفة في المنطقة، إيمانا بإمكانيات الشباب المصري وثقل مؤسسات مصر التعليمية.
يأتي حضور ماكرون كذلك فعالية هامة لمنتدى الأعمال المصري الفرنسي وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين ترسيخا لمدى حرص فرنسا على تعزيز الروابط الاقتصادية والتعاون التجاري والاستثمارات بين البلدين.
ولم يكن مفاجئا في ظل شغف فرنسا وشعبها وزعمائها بتاريخ قدماء المصريين ومصر الفرعونية أن يزور ماكرون المتحف المصري الكبير.. لم تكن زيارة سياحية بقدر ما كانت تأملا، رؤيا للمستقبل مستمدة من حضارة نقشتها أيدي أجدادنا على الجرانيت ورسمتها على أوراق البردي، ربما يجد العالم فيها اليوم نبراسا في لحظة يبدو فيها البشر تائهين عن أبسط قيم التحضر.
هذه الصداقة القوية تستند إلى التاريخ، وتبنى على الحاضر، وتتسلح بالقوة الناعمة كما تتكامل مع التعاون العسكري، حيث عبر ماكرون فور وصوله إلى مصر عن اعتزازه بطائرات الرافال التي تمثل رمزا لقوة التعاون العسكري بين البلدين.
وفي تغريدته على تويتر، كتب ماكرون: “وصلنا إلى مصر برفقة طائرات رافال المصرية، فخورون بهذا لأنه يعد رمزا قويا للتعاون الاستراتيجي بيننا”.
ومن خان الخليلي إلى آفاق المستقبل، تبقى هذه الصداقة الممتدة عبر الزمان والمكان شاهدا على قدرة الدولتين على تعزيز التعاون المثمر، وخلق حلول واقعية للتحديات الإقليمية والدولية.
وبينما ترفرف أعلام فرنسا إلى جانب أعلام مصر، تظل زيارة ماكرون ومحادثاته مع الرئيس السيسي نقطة انطلاق نحو غد أكثر إشراقا، حيث تلتقي الحضارات وتنسج رؤى الأمل والازدهار لشعبينا.. ومن هنا أيضا.. من خان الخليلي تبدأ خطوة جديدة نحو بناء عالم أكثر توازنا وتعاونا.. نحو عالم تستعيد معه الإنسانية مفردات التحضر والحضارة.