من قلب لندن... هكذا انتصر التواصل على التطرف
كيف هزمت باركنغ اليمين المتطرف؟ خطة بسيطة: تواصل، تواصل، تواصل

في ظل تنامي نفوذ اليمين المتطرف مجددًا في أوروبا، مدعومًا بنتائج انتخابات 2024 الرئاسية وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من الضروري أن نتذكر أن مقاومة التطرف ليست حلمًا مستحيلاً. في عام 2010، هزمنا الحزب الوطني البريطاني في باركنغ، شرق لندن، وقد تكون تلك التجربة دليلًا عمليًا لمواجهة صعود التطرف اليوم.
الغضب لا اللامبالاة: لماذا اتجه الناخبون إلى اليمين المتطرف؟
في انتخابات عام 2001، انخفضت نسبة التصويت في باركنغ إلى 45.5% مقارنة بـ61.7% عام 1997. وكشفت أبحاثنا أن السبب لم يكن اللامبالاة، بل الغضب. كان الناس غاضبين من تجاهل السياسيين لقضاياهم اليومية: فقدان الوظائف في مصنع فورد في داجنهام، نقص السكن الملائم، والتحولات المجتمعية الناتجة عن الهجرة دون نقاش صريح من صانعي القرار.وفقًا لتقرير الجارديان
في عام 2006، ترشح الحزب الوطني البريطاني بـ13 مرشحًا فاز منهم 12، ما كاد يمنحهم السيطرة على المجلس المحلي.
إعادة بناء الثقة تبدأ من الشارع وليس من ويستمنستر
أدركنا أن الحل لا يكمن في الحملات الحزبية التقليدية ولا في التركيز على القضايا الوطنية، بل في التفاعل الحقيقي مع الناس في أحيائهم. فبدأنا خطة مدتها أربع سنوات لإعادة بناء الثقة من الصفر.
توقفت عن حضور الاجتماعات العقيمة وبدأت أكتب للناخبين مباشرة، أدعوهم إلى لقاءات غير رسمية في المقاهي والطرقات، حيث قدمنا لهم القهوة والبسكويت واستمعنا إليهم دون تلقين أو وعود جوفاء. وعندما ظهرت مشكلة محلية، عملنا على حلها، ثم أبلغنا الجميع بما فعلناه – حتى من لم يحضر اللقاءات. هكذا بنينا دائرة متكاملة من التواصل، الإصغاء، العمل، ثم إعادة التواصل.

مواجهة الكراهية: لا تتجاهل، لا تبرر، بل واجه بشجاعة
تعاملنا مع القضايا الصعبة مثل الهجرة بشفافية. لم نُسمّ من يعبّر عن قلقه “عنصريًا”، بل حاولنا فهم مصدر الغضب. اقترحنا – على سبيل المثال – أن يؤخذ “الارتباط المحلي” في الاعتبار عند توزيع السكن الاجتماعي، وليس فقط الحاجة، ما أثار الجدل يساريًا، لكنه خفف شعور الناس بالظلم.
كما احتفلنا بالمناسبات الوطنية مثل يوم القديس جورج بصور جامعة لكل فئات المجتمع، مؤكدين على قيمة التنوع كمصدر قوة لا تهديد.
الدرس الأهم: السياسة تبدأ من الحي، لا من تويتر
صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على انتشار خطاب الكراهية، لكن لا يجب أن تنسينا هذه المنصات أن “كل سياسة هي محلية”، كما قال السياسي الأمريكي تيب أونيل. محاربة التطرف تبدأ من الشارع، من الحوار، من بناء جسور الثقة.
لقد طردنا كل أعضاء الحزب الوطني من المجلس البلدي، وبدأت مسيرتهم نحو الانهيار. هذه ليست معجزة، بل نتيجة خطة محلية صادقة ومستمرة.
مارغريت هودج هي عضوة في مجلس اللوردات البريطاني وشغلت سابقًا منصب نائب البرلمان عن منطقة باركنغ لمدة 30 عامًا.