الوكالات

«إبادة» أو لا، الجمهوريون في مجلس النواب يؤكدون أن الضربات ضد إيران كانت انتصارًا دبلوماسيًا

الجمهوريون يبررون ضربات إيران: رسالة قوة أم مغامرة محفوفة بالمخاطر؟

لدى الجمهوريين في مجلس النواب رسالة جديدة بشأن الضربات الجوية الأمريكية ضد إيران: المهم ليس مقدار الدمار الذي تسببت فيه هذه الضربات، بل نجاحها في إعادة طهران، التي أصبحت ضعيفة للغاية، إلى طاولة المفاوضات.

كرر عدة مشرعين جمهوريين هذه الرسالة صباح الجمعة أثناء خروجهم من جلسة إحاطة مغلقة مع بعض كبار مسؤولي الجيش والمخابرات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بشأن الضربات الجوية المفاجئة التي شنتها الولايات المتحدة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

ويمثل هذا تحولًا طفيفًا لكنه ملحوظ لأنصار سياسات ترامب، الذين واجهوا صعوبة في الأيام الأخيرة في دعم تصريحاته المتكررة بأن البرنامج النووي الإيراني قد «تم القضاء عليه تمامًا».

 

روبيو: الهدف هو الجلوس إلى طاولة المفاوضات

 

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو للمشرعين خلال الإحاطة، إن الهدف من الضربات كان إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات، وفقًا لما ذكره مشاركان في الاجتماع. وقد توصلت إيران وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يوم الاثنين، وأعلن ترامب يوم الأربعاء أن جولة جديدة من المحادثات مع إيران ستبدأ الأسبوع المقبل.

 

موقف قيادة مجلس النواب: نجاح أبعد من حجم الأضرار

 

بينما بدا أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين حضروا إحاطة مماثلة يوم الخميس يواجهون صعوبة في تبني وصف ترامب المبالغ فيه لتأثير الضربات على المدى الطويل، بذلت قيادة مجلس النواب يوم الجمعة جهدًا منسقًا لتصوير نجاح المهمة على أنه لا يعتمد فقط على تقييم الأضرار.

ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكية”إن الهدف من الضربات كان إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات”

وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون للصحفيين بعد الإحاطة: «أعتقد أن أكبر دليل على فعالية هذه المهمة هو أن إيران جاءت فورًا وأبدت استعدادها للدخول في اتفاق وقف إطلاق النار، وهو أمر كان من غير الممكن تصوره قبل بضعة أسابيع فقط».

 

تقييمات استخباراتية متناقضة وتسريبات مثيرة للجدل

 

وجاءت الإحاطة بعد أيام من تسريب تقييم أولي صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، أشار إلى أن الضربات الجوية الأمريكية لم تؤخر البرنامج النووي الإيراني سوى بضعة أشهر فقط.

 

وقد دفع ذلك ترامب وروبيو ووزير الدفاع بيت هيغسث ومسؤولين كبار آخرين إلى الترويج لمعلومات استخباراتية جديدة لدحض تقرير وكالة استخبارات الدفاع، الذي وصفته الوكالة بأنه تقييم أولي منخفض الثقة. وقال هيغسث إن مكتب التحقيقات الفيدرالي والبنتاغون يحققان في تسريب هذا التقييم.

 

الجمهوريون: التفاصيل الدقيقة ليست مهمة

 

وأعرب عدة جمهوريين خرجوا من الإحاطة، وكذلك أحد المسؤولين الذين قدّموا الإحاطة، عن أن الوصف الدقيق للأضرار ليس مهمًا. وقال رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، مايك روجرز: «لقد تلقت إيران رسالة صارمة مفادها أن أي محاولة لتصنيع سلاح نووي ستُواجَه بالقوة. سواء صدّقت التقييم المسرّب أم لا، فقد تمكنّا من تنفيذ الضربة دون أي مقاومة وضربنا ما أردنا».

وقال النائب داريل عيسى إن الضربات أوضحت لإيران أن هناك «ثمناً باهظاً» لمواصلة تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز مستوى 60%.

 

الديمقراطيون: شكوك حول الفاعلية وخطر التصعيد

 

لكن بعض الديمقراطيين خرجوا من الإحاطة وهم ما زالوا يشككون في مدى فعالية الهجوم في كبح الطموحات النووية الإيرانية، وفي تجنب اندلاع صراع جديد مستقبلاً.

 

وقال النائب آدم سميث: «خرجت من هذا الاجتماع ولا زلت أشعر بأننا لا نعرف الجواب». وأضاف: «التناقضات بين وكالات الاستخبارات لم تُحَل بعد».

وقال النائب جيم هايمز: «لدينا وفرة من الأوصاف، من ’القضاء التام‘ إلى ’التدمير‘ و’التراجع‘. السؤال هو: هل أخرنا هذا البرنامج بشكل كبير؟ وما زلنا لا نملك إجابة واضحة».

وأشار هايمز أيضًا إلى أن الضربات ربما لم تمهد الطريق لاختراق دبلوماسي مقبول لإسرائيل، التي شعرت بأنها «أُجبرت» على اتفاق وقف إطلاق النار بضغط أمريكي.

وقال النائب مايك كويغلي إن تصريحات ترامب المبكرة عن نجاح الضربات قد تكون مبالغة، مضيفًا: «المبالغة أمر خطير، لأنك بحاجة لمعرفة المخاطر الحقيقية التي تواجهها، وليس ما تريد أن تكون المخاطر عليه».

 

غياب مديرة الاستخبارات يثير التساؤلات

 

ضمت جلسات الإحاطة نفس المجموعة من المسؤولين: هيغسث، روبيو، كاين، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف. وللمرة الثانية، غابت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد بشكل ملحوظ، ويقال إنها تهمّشت بسبب خلافات داخلية مع ترامب في سياق النزاع بين إسرائيل وإيران.

وعلّق النائب هايمز على غيابها قائلاً: «غريب جدًا»، فيما قلل بعض الجمهوريين من أهمية غيابها.

 

تفاصيل العملية العسكرية: قاذفات شبح وقنابل ضخمة

 

جاءت جلسات الإحاطة بعد شكاوى من المشرعين بأنهم لم يُبلغوا مسبقًا عن الهجوم المفاجئ على مواقع فوردو وأصفهان ونطنز.

 

وشملت المهمة سبع قاذفات شبح B-2 وغواصة مسلحة بصواريخ موجهة، واستخدمت خلالها قنابل GBU-57 العملاقة المضادة للتحصينات (وزنها 30 ألف رطل)، وأسقطت 14 منها على موقع فوردو ومواقع أخرى.

 

جدل دستوري في الكونغرس: صلاحيات الحرب تحت المجهر

 

يرى العديد من الديمقراطيين أن الضربات، التي لم يصوّت الكونغرس عليها، تمثل تجاوزًا دستوريًا من قبل ترامب. ويضغط الديمقراطيون في مجلسي النواب والشيوخ من أجل تشريع لتقييد سلطات الحرب، ومنع ترامب من القيام بأي عمل عسكري إضافي ضد إيران دون موافقة الكونغرس.

ومن المقرر أن يصوّت مجلس الشيوخ مساء الجمعة على قرار قدمه السيناتور تيم كين لتقييد سلطات الحرب، لكنه على الأرجح سيفشل ما لم ينشق الجمهوريون.

وكان النائب توماس ماسي قد قدّم قرارًا مشابهًا وانتقد الضربات واعتبرها غير دستورية، لكنه تراجع عن الدفع نحو تصويت بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. ومع ذلك، لا يزال الديمقراطيون والليبراليون يضغطون لإجراء تصويت في الأسابيع المقبلة.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى