ليو رادفينسكي: إمبراطور الظل الذي بنى إمبراطورية البورنو الرقمية من خلف الستار
كيف صنع رادفينسكي ثروة من العالم السفلي للإنترنت دون أن يظهر في العلن؟

بالرغم من اختفائه شبه التام عن الإعلام والمناسبات العامة، يقف ليو رادفينسكي، رجل الأعمال الأمريكي من أصل سوفيتي، خلف واحدة من أكثر المنصات إثارة للجدل والربح في العالم الرقمي: “أونلي فانز”.
فقد حول هذا الرجل المنعزل موقعًا بسيطًا لربط المعجبين بصناع المحتوى إلى إمبراطورية رقمية تدر مليارات الدولارات، وتقوم بشكل رئيسي على المحتوى الجنسي.
بينما تتجه شركته نحو صفقة بيع محتملة بقيمة قد تصل إلى 8 مليارات دولار، تتزايد التساؤلات حول شخصية “الإمبراطور الخفي” الذي أعاد تشكيل صناعة البورنو برؤية تجارية وتقنية جديدة.
نشأة غامضة وطموح رقمي مبكر
ولد رادفينسكي في الاتحاد السوفيتي وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث نشأ في إحدى ضواحي شيكاغو.
منذ مراهقته، أظهر اهتمامًا واضحًا بالإنترنت ومجالاته المظلمة، وأطلق أول شركة له تحت اسم “سايبرتانيا” خلال المرحلة الثانوية، مروجًا لمواقع تقدم كلمات سر مخترقة لمواقع إباحية شهيرة.
هذا الميل لاختراق الهامش غير المنظم من الإنترنت أصبح لاحقًا محور نشاطه المهني.
تحول استراتيجي في صناعة البورنو
على عكس النموذج الإعلاني التقليدي الذي تتبعه المواقع الإباحية الكبرى، أدخل رادفينسكي نموذجًا مبتكرًا يعتمد على الاشتراكات المباشرة، حيث يدفع المستخدمون لصنّاع محتوى يقدمون مواد خاصة بهم، غالبًا ذات طابع جنسي.
بهذا الانتقال، أعاد تعريف العلاقة بين المستهلك والمحتوى، وجعل التجربة أكثر خصوصية وربحية، ونقلها من النمط الجماهيري إلى الفردي المدفوع.
الوجه الغائب واليد الخفية
رغم تحكمه الكامل في المنصة، يندر أن يظهر رادفينسكي علنًا. لا توجد له صور حديثة تقريبًا، ولا يشارك في المؤتمرات أو المقابلات.
حتى موقعه الشخصي لا يذكر شيئًا عن “أونلي فانز”، بل يكتفي بالإشارة إلى اهتماماته بالبرمجيات مفتوحة المصدر والطيران والعمل الخيري.
مع ذلك، تشير السجلات إلى أنه المالك الوحيد للشركة، وقد حقق أرباحًا تصل إلى 1.3 مليار دولار خلال خمس سنوات فقط.
رحلة من “ماي فري كامز” إلى الهيمنة الرقمية
قبل امتلاكه لـ”أونلي فانز”، أسس رادفينسكي موقع “ماي فري كامز”، وهو من أوائل المواقع التي دمجت بين البث المباشر والعروض الجنسية مقابل الدفع.
التجربة نجحت بقوة، وعندما استحوذ على “أونلي فانز” عام 2018، ارتفعت أعداد المستخدمين بشكل هائل خاصة خلال جائحة كورونا، ما ساعد على تحوّل المنصة إلى رمز للربح الرقمي المثير للجدل.
أموال مثيرة للجدل وخطط للعطاء
رغم أن ثروته نمت من واحدة من أكثر الصناعات إثارة للجدل، يحاول رادفينسكي الإشارة إلى بُعد خيري في شخصيته. زوجته، كاتي تشودنوفسكي، وهي محامية ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة طبية، كشفت عن دعمهما لأبحاث السرطان.
كما عبّر عن رغبته في الانضمام إلى “تعهد العطاء” الذي يلتزم من خلاله الأثرياء بالتبرع بمعظم ثرواتهم للأعمال الخيرية.
هيمنة صارمة وسرية تامة
يسيطر رادفينسكي على شركته بأسلوب مغلق. وصف موظفون سابقون بيئة العمل بأنها محاطة بسرية مشددة، مع اتفاقات عدم إفشاء صارمة، وحتى شركاء الأعمال يُواجهون بحواجز معلوماتية، مما يثير تساؤلات حول الشفافية المحتملة في حال تنفيذ صفقة البيع الضخمة.
رغم محاولات الإدارة الحالية للمنصة الترويج لـ”أونلي فانز” كمساحة للموسيقيين والرياضيين، إلا أن أرباحها ما تزال معتمدة بنسبة كبيرة على المحتوى الجنسي.
تصف الباحثة ماجي ماكدونالد المنصة بأنها “نموذج عبقري” لأنها تعتمد على ترويج صناع المحتوى لأنفسهم ذاتيًا على منصات التواصل، مما يقلل التكاليف الإعلانية إلى الحد الأدنى.
أسئلة كبرى في صفقة مرتقبة
مع اقتراب طرح “أونلي فانز” للبيع، يظهر أمام المستثمرين المحتملين سؤال أخلاقي معقد: كيف سيتم التعامل مع منصة تعتمد على محتوى حساس في ظل رقابة رقمية متصاعدة؟ وما هو مستقبلها تحت إدارة جديدة؟ في الوقت الذي تستمر فيه التساؤلات، يبقى ليو رادفينسكي بعيدًا عن الأضواء، يراقب من الظل إمبراطوريته الرقمية المربحة.