الاقتصاد

صراع على الطاقة بين شركات التكنولوجيا وصناعات المعادن يهدد خطط أمريكا وأوروبا لإحياء المصاهر

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإحياء صناعات المعادن الاستراتيجية وتقليل الاعتماد على الصين، تواجه هذه الجهود عقبة متزايدة تتمثل في ارتفاع أسعار الكهرباء وتنافس شرس مع شركات التكنولوجيا العملاقة على موارد الطاقة.

فبينما تخصص الحكومات الغربية مليارات الدولارات لدعم مشاريع التعدين والمعالجة والصهر للمعادن الحيوية مثل الألمنيوم والنحاس، يشكو كبار التنفيذيين في قطاع الصناعة من أن هذا الدعم غير كافٍ لمجاراة التكاليف المتصاعدة، لا سيما مع دخول شركات التكنولوجيا على خط المنافسة لشراء الكهرباء بأسعار مرتفعة لتشغيل مراكز البيانات التي تغذي طفرة الذكاء الاصطناعي.

“الصراع الحقيقي: ألكوا ضد غوغل”

يقول تروند أولاف كريستوفرسن، المدير المالي لشركة “نورسِك هيدرو” النرويجية، إن تكلفة الكهرباء تشكل نحو ثلث تكلفة تشغيل أي مصهر ألمنيوم، مؤكداً أن شركات مثل شركته تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت الذين يستطيعون دفع أكثر من 100 دولار لكل ميغاواط/ساعة، في حين يحتاج المصهر إلى سعر لا يتجاوز 40 دولاراً ليكون مجدياً.

ويضيف مسؤول مخضرم في قطاع التعدين واصفاً المشهد: “الصراع لم يعد بين ألكوا والصين، بل بين ألكوا وغوغل”.

الهيمنة الصينية والضغوط الغربية

تسيطر الصين حالياً على أكثر من نصف الطاقة الإنتاجية العالمية لصهر الألمنيوم، بالإضافة إلى ريادتها في معالجة المعادن الحيوية مثل الليثيوم والأتربة النادرة، وهو ما يثير قلق واشنطن وبروكسل في ظل أزمات سلاسل التوريد العالمية.

ورغم أن أسعار الكهرباء في أمريكا لا تزال أقل من نظيرتها في أوروبا، إلا أنها تبقى مرتفعة مقارنة بكندا والنرويج، ما يضعف قدرة المصانع الغربية على المنافسة. وتقدّر رابطة الألمنيوم الأمريكية أن إنشاء مصهر واحد جديد في الولايات المتحدة سيستهلك سنوياً ما يعادل استهلاك مدينة مثل بوسطن أو ناشفيل.

مطالب صناعية بدعم حكومي مباشر

يشدد عدد من التنفيذيين، من بينهم غيدو يانسن الرئيس التنفيذي لشركة “نيرستار” للزنك والرصاص، على أن استمرار تشغيل المصاهر الغربية يتطلب دعماً حكومياً أكبر، بما في ذلك آليات “تقليل المخاطر” مثل تحديد أسعار كهرباء تفضيلية وضمان وجود مشترين للمنتجات بأسعار لا تقل عن حد معين.

وتسعى “نيرستار” لتوسيع إنتاجها في الولايات المتحدة ليشمل عناصر مثل الجرمانيوم والجاليوم الضروريين لصناعات الدفاع والتكنولوجيا، لكنها تؤكد أن تحقيق الربحية يتوقف على التمويل الحكومي.

مشاريع طموحة تصطدم بواقع الطاقة

تجري السلطات الأمريكية مفاوضات مع شركتين — “سينشري ألمنيوم” الأمريكية و”الإمارات العالمية للألمنيوم” — لبناء أول مصهر جديد في الولايات المتحدة منذ عام 1980، إلا أن كلا المشروعين مشروط بالحصول على إمدادات طاقة طويلة الأجل بأسعار تنافسية ودعم حكومي مباشر.

في المقابل، يرى محللون أن استمرار ارتفاع الطلب على الطاقة من قبل شركات التكنولوجيا، وبطء توسع شبكات نقل الكهرباء، قد يُبقي أسعار الطاقة مرتفعة لفترة طويلة، مما يهدد طموحات الغرب في بناء قاعدة صناعية قادرة على المنافسة مع الصين في سوق المعادن الاستراتيجية.

 

اقرأ ايضاً:

هبوط الدولار يثير مخاوف اقتصادية وسط بيانات ضعيفة

محمود الفقي

صحفي مصري تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى