
بدأ الصراع الصيني الإمريكي منذ يناير 2018 , عندما بدأ الرئيس الامريكي دونالد ترامب في فرض تعريفات جمركية .
وغيرها من الحواجز التجارية على الصين بهدف إجبارها على إجراء تغييرات على ما تقول الولايات المتحدة
إنها ممارسات تجارية غير عادلة طويلة الأمد سرقة ملكية فكرية
أسباب تصاعد التوترات التجارية بين البلدين
وهناك أسباب عديدة لتصاعد التوترات بين البلدين، فالفوائد الاقتصادية المتوقعة لانضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية عام 2001 لم تتحقق أبدا، بحسب راي براون، الذي عمل محللاً اقتصادياً للحكومة الأمريكية بين عامي 2001 و2018.
وأضاف قائلاً: “إن الصين لم تعتزم أبدا الالتزام بالقواعد، وقد انضمت للمنظمة بهدف أن تغيرها لا أن تتغير هي”.
وقد تحملت الولايات، التي عرفت باسم “ولايات الحزام الصدئ”،و التي صوتت لترامب عام 2016 العبء الأكبر في هذه الصدمة.
وقد نقل العديد من الشركات الأمريكية إنتاجه إلى الصين للتمتع بميزة انخفاض كلفة العمالة بحسب دانيال كليمان، ولكن كان على هذه الشركات دفع ثمن باهظ نظير الانتقال للصين : “فقد أجبرتهم الصين على نقل التكنولوجيا معهم، وحقوق ملكيتهم الفكرية أيضا”.
وحتى تلك الشركات التي لم تنتقل للصين وجدت أن الصينيين قد حاولوا التسلل لأسرارها التجارية. وأمام وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة قائمة طويلة من الاتهامات ضد أفراد صينين وشركات للتجسس والقرصنة الإلكترونية.
وتقدر الحكومة الأمريكية أن الحجم الإجمالي للملكية الفكرية التي سرقتها الصين خلال السنوات الأربع بين 2013 و2017 تصل إلى 1.2 تريليون دولار.
وبحسب دين تشينغ وهو من مؤسسة التراث، وهي مركز أبحاث أمريكي محافظ يُعنى بالدراسات المستقبلية، فإن هذا هو السبب الأول للتوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين.
ويقول: “عندما تجد الشركات أن براءات اختراعاتها ومنتجاتها تتعرض للانتهاك وأسرارها التجارية تتعرض للقرصنة فإنها تنتهي إلى أن الشراكة مع الصين ليست مربحة بل هي أمر سلبي”.
التلاعب بالعملة:
فقد اتهمت الولايات المتحدة الصين بالتلاعب بعملتها اليوان لجعل صادراتها أقل تكلفةً مقارنةً بالواردات الأمريكية الأكثر تكلفةً،
وهو الأمر الذي أعطى الشركات الصينية ميزة غير عادلة في السوق العالمي -وفقًا للإدعاءات الأمريكية. ولعل أحد أبرز أسباب التوتر في العلاقات الأمريكية الصينية هو بداية تصنيف بعض الدول، على رأسها الصين
عقودها التجارية بالعملة المحلية. ومع نية الصين تصنيف جميع عقود مبادرة الحزام والطريق باليوان الصيني، فإن وضع الدولار كعملة احتياط أصبح معرضًا للخطر. فقد كان استخدام الدولار الأمريكي كعملة احتياط وتقييم ما يقارب من 70٪ من التجارة العالمية خاصة العقود الكبيرة لواردات النفط من أهم أسباب التفوق الاقتصادي للولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، كانت غالبية العمليات الدولية للبنوك يتم تقييمها بالدولار الأمريكي، على الرغم من أن الدولار لم يكن هو العملة المحلية المستخدمة لدى البائع ولا المشتري.
الوصول إلى الأسواق:
اتهمت الولايات المتحدة الصين بعدم منح الشركات الأمريكية وصولًا عادلًا إلى أسواقها، مما جعل من الصعب على الشركات الأمريكية التنافس مع الشركات الصينية في الصين.
كما اتهمت الولايات المتحدة الصين بفرض رسوم جمركية أعلى على الواردات الأمريكية، وبالقرصنة المدعومة من الدولة، والاستحواذ على شركات التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة وأوروبا،
والتمييز ضد الشركات الأجنبية. في المقابل، نفت الصين هذه الاتهامات، واستكملت جهودها التي بدأتها منذ حوالي عقدين لتقليل اعتماد اقتصادها على الصادرات. فعلى سبيل المثال، تمكنت الصين من خفض حصة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي من 30٪ في 2007 إلى أقل من 20٪ في عام 2017. علاوة على ذلك، نجحت الصين أيضًا في تخفيض حصة الصادرات إلى الولايات المتحدة من 9٪ من اقتصاد الصين إلى ما يزيد قليلًا عن 4٪.
تمتد تأثيرات الحرب التجارية الصينية الأمريكية، والتنافس بين البلدين على الهيمنة الاقتصادية بأبعاده المتنوعة لتشمل الاقتصاد العالمي ككل، ولكنها تتميز بكونها تأثيرات غير متكافئة. حيث ينال نصيب الأسد من التأثيرات السلبية لهذا التنافس الشعوب في مقابل الدول، والدول النامية أو الصغرى والمتوسطة في مقابل الدول الكبرى. وحتى على مستوى الدول الكبرى أطراف النزاع، يدفع الأفراد والشركات ضريبة الحرب التجارية، حيث تشير الدراسات إلى أن الشركات الأمريكية والمستهلكين دفعوا تقريبًا التكلفة الكاملة للرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من الصين، ومن غيرها من دول العالم في عام 2018.
فكما هو متوقع، تدفع فاتورة هذه الأزمة الدول الصاعدة والنامية، حيث تتم إعادة تشكيل خرائط السلطة والثروة في العالم بعيدًا عن التفكير في مصالح الدول الصغرى، ناهيك عن الشعوب التي تدفع كعادتها فاتورة حرب لم تخضها. فالاقتصادات العربية على سبيل المثال، والتي تعتمد بشكلٍ كبير على الواردات من تلك الدول ستتأثر بشدة في ظل حرب العملات القائمة حاليًا، وهو أمر شديد السلبية بالنسبة للمشروعات التي تأمل في تنمية ونهضة تكنولوجية، أو الاهتمام بالنواحي الإنتاجية والبعد عن الأنشطة الريعية