اليوم الـ512 من الحرب بين إسرائيل وحماس: مشاهد الفقد، الانقسام، والتصعيد

في اليوم الـ512 من الحرب المستعرة بين إسرائيل وحركة حماس، تتكشف أبعاد جديدة من المأساة، وتستمر تداعياتها في خنق الأمل، وسط مشاهد من الألم والفقدان تطبع الوجوه وتثقل القلوب. العائلات المفجوعة لا تزال تنتظر أبناءها وسط صمت أو تصريحات متضاربة من قادة السياسة، بينما يتصاعد الغضب الشعبي داخل إسرائيل، وتتعمق الانقسامات بين مؤسسات الحكم والرأي العام.
التطورات الميدانية والسياسية تعكس انسداد الأفق أمام أي حل قريب، في وقت تتوالى فيه الضغوط الداخلية والدولية. على الأرض، تستمر العمليات العسكرية وتزداد حدة المواجهات، بينما في الكواليس، تتعثر مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى، ويهيمن الشك وانعدام الثقة على المشهد العام.
هذا التقرير الخاص يأتيكم من “العالم في دقائق”، لنرصد لكم أحدث المستجدات، ونستعرض المشهد كما هو: حقيقياً، مؤلماً، ومعقداً.
لحظة إنسانية مؤلمة: وداع بين شقيقين
أحد أبرز مشاهد اليوم كان الفيديو الذي نشرته حركة حماس، والذي يوثق لحظة وداع مؤثرة بين الرهينة المحرر “إيائير هورن” وشقيقه “إيتان هورن”، الذي لا يزال قيد الأسر في قطاع غزة منذ أكثر من 500 يوم. هذا المقطع، الذي سمحت عائلة هورن بنشره، أثار موجة من الحزن في المجتمع الإسرائيلي، وأعاد تسليط الضوء على معاناة الأسرى وعائلاتهم.
وفي بيان رسمي للعائلة، جاء فيه:
“يكسر قلوبنا أن نرى إيتان في هذه الحالة الصعبة، وهو يودع شقيقه الذي نال حريته بينما لا يزال هو في جحيم حماس. إن الخوف واليأس في عينيه يكفيان ليوقظا ضمير كل مسؤول.”

اتهامات داخلية: الحكومة تُتهم بإفشال صفقة التبادل
وسط هذه المشاعر، تصاعدت الاتهامات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من قبل عائلات الأسرى. “إيناف زانغواكر”، والدة الأسير “ماتان زانغواكر”، صرحت في مظاهرة أمام وزارة الدفاع في تل أبيب أن الحكومة أرسلت “وفدًا مزيفًا” إلى القاهرة لإفشال المرحلة الثانية من صفقة التبادل، قائلة:
“هناك خطة يمكن تنفيذها غدًا صباحًا لإعادة الجميع. لكن نتنياهو يجرنا إلى حرب عبثية جديدة.”
وأشارت إلى أن القيادة كانت على علم بالتعذيب والجوع الذي يعيشه الأسرى الإسرائيليون، ومع ذلك ظلت صامتة.

شهادات مروعة من الرهائن المحررين
أدلى الأسير السابق “إيلي شارابي”، الذي أطلق سراحه الشهر الماضي، بتصريحات صادمة في مقابلة تلفزيونية. حيث أشار إلى استحالة إنقاذ الأسرى عبر العمليات العسكرية، قائلًا إن أي محاولة اقتحام للنفق تعني الموت الفوري للأسير.
وأضاف: “كانوا يراقبون الإعلام الإسرائيلي. وعندما يرون أن السجناء الفلسطينيين يُعامَلون بقسوة، كانوا يصعدون من تعذيبنا. قالوا لنا: ‘سجناءنا لا يأكلون، إذًا أنتم لن تأكلوا’.”
وتحدث عن الجوع الشديد قائلاً: “كنت أتمنى فقط شريحة خبز. كسروا أضلاعي ولم أهتم… فقط أعطوني رغيفاً آخر.”

ردود رسمية: الحكومة تصف الفيديو بـ”البروباغندا الوحشية”
أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانًا يصف فيه فيديو وداع الأخوين هورن بأنه “بروباغندا وحشية”، واعتبر أن حركة حماس تواصل استخدام الرهائن في حرب نفسية ضد إسرائيل.
وأكد البيان أن “إسرائيل لن تنكسر أمام دعاية حماس، وستواصل العمل بلا كلل لإعادة جميع الرهائن وتحقيق أهداف الحرب بالكامل.”

احتجاجات متصاعدة في تل أبيب
من أمام بوابة وزارة الدفاع في تل أبيب، تحدّث “داني إلغارات”، شقيق “إسحاق إلغارات” الذي قُتل في الأسر وعاد جثمانه مؤخرًا، قائلاً:
“كان يمكن إنقاذه! معظم من عادوا في توابيت كانوا أحياء وكان يمكن إعادتهم… نتنياهو أفشل الصفقات عمداً لمصالح سياسية وشخصية.”
وختم: “لا يجب أن نترك أحداً خلفنا. يجب إعادتهم جميعًا دفعة واحدة، الآن!”

عمليات مستمرة في الضفة وغضب أوروبي متزايد
في الضفة الغربية، أعرب الاتحاد الأوروبي عن “قلقه العميق” إزاء استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية التي تسببت بنزوح نحو 40 ألف فلسطيني وتدمير بنية تحتية حيوية. وناشد البيان جميع الأطراف التحلي بضبط النفس مع دخول شهر رمضان، وحث إسرائيل على احترام القانون الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين وتسهيل عودة المهجرين.

تطورات ميدانية أخرى: غارة أمريكية في سوريا
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) عن تنفيذ ضربة جوية دقيقة في شمال غرب سوريا أسفرت عن مقتل “محمد يوسف ضياء تالاوي”، القائد العسكري البارز في تنظيم “حراس الدين” المرتبط بالقاعدة، في عملية تُعد ضربة كبيرة للتنظيم الإرهابي.

خلاصة المشهد
في ظل التوترات المتزايدة، والتصريحات النارية، والاتهامات المتبادلة، تتعالى الأصوات المطالبة باتخاذ قرارات جريئة تنهي هذا الكابوس الممتد منذ أكثر من عام ونصف. ومع قرب انتهاء شهر رمضان، تتزايد المطالب الإنسانية والدولية بتجنب المزيد من التصعيد، واستغلال الفرصة للوصول إلى اتفاق شامل يعيد الأسرى إلى ديارهم، وينهي معاناة الآلاف من الجانبين.