الوكالات

خالد العناني يقود اليونسكو: رؤية مصرية لإصلاح المنظمة الدولية

ذكرت شبكة France 24 أن عالم الآثار المصري خالد العناني فاز بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو بعد تصويت المجلس التنفيذي للمنظمة، الاثنين 6 أكتوبر، حيث حصد 55 صوتًا من أصل 57 متفوقًا على الكونغولي فيرمان إدوارد ماتوكو. ومن المقرر اعتماد تعيينه رسميًا خلال اجتماع المؤتمر العام في سمرقند يوم 6 نوفمبر المقبل. وبهذا الفوز يصبح العناني أول عربي يقود المنظمة الدولية المعنية بالتربية والعلم والثقافة، وثاني إفريقي بعد السنغالي أمادو مختار مبو، في خطوة تُعد انتصارًا دبلوماسيًا وثقافيًا لمصر على الساحة الدولية.

 

دعم مصري وتهنئة رئاسية

 

رحّب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتعيين العناني، واصفًا إياه بـ”النجاح التاريخي لمصر”، ومؤكدًا ثقته في قدرته على تحقيق نهضة داخل المنظمة. ويبلغ العناني 54 عامًا، وهو خبير مصريات تخرّج في جامعة مونبلييه الفرنسية، وشغل منصب وزير السياحة والآثار بين عامي 2016 و2022. ويتقن اللغة الفرنسية بطلاقة، ما يعزز قدرته على إدارة الحوار داخل أروقة اليونسكو. وسيتسلّم رسميًا مهامه في 14 نوفمبر المقبل، خلفًا للفرنسية أودري أزولاي التي تولّت المنصب منذ عام 2017.

 

رؤية جديدة لتحديث المنظمة

 

أكد خالد العناني في كلمته أمام المجلس التنفيذي التزامه بـتحديث اليونسكو وجعلها أكثر تعاونًا وانفتاحًا على جميع الدول الأعضاء. ودعا إلى تجاوز الانقسامات السياسية والتركيز على القضايا الفنية والعلمية، مؤكدًا أن ولايته ستقوم على “العمل الجماعي وبناء التوافقات” من أجل استعادة دور المنظمة كمنبر للحوار الثقافي. ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه اليونسكو أزمة تمويل حادة بعد انسحاب الولايات المتحدة في يوليو الماضي، وهو القرار الذي أفقدها نحو 8% من ميزانيتها، إضافة إلى تراجع المساهمات الأوروبية لصالح الإنفاق الدفاعي.

 

تحديات التمويل وإعادة واشنطن

 

اعتبر العناني أن الأزمة المالية هي التحدي الأول في فترته المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيعمل على إقناع واشنطن بالعودة إلى المنظمة كما حدث عام 2023 بعد انسحاب إدارة ترامب في 2017. كما دعا الدول الأعضاء إلى تحمل مسؤولياتها المالية، واقترح تنويع مصادر التمويل عبر الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الثقافية والمجتمع المدني، لتعزيز استقلال المنظمة وزيادة مرونتها في تنفيذ المشاريع التعليمية والثقافية حول العالم.

 

من عالم آثار إلى قائد ثقافي عالمي

 

يحمل خالد العناني خبرة ميدانية وأكاديمية واسعة، إذ شغل منصب مدير المتحف المصري بالتحرير قبل أن يشرف على إنشاء المتحف القومي للحضارة المصرية الذي افتُتح رسميًا عام 2021 واحتضن موكب المومياوات الملكية الشهير. كما استطاع خلال توليه وزارة السياحة والآثار إنعاش القطاع رغم أزمتي الإرهاب وجائحة كورونا، ما أكسبه سمعة دولية بوصفه إداريًا قادرًا على الجمع بين الحفاظ على الهوية الثقافية والتطوير المؤسسي.

 

انتقادات محدودة لا تطغى على الإنجاز

 

رغم نجاحاته، واجه العناني انتقادات عام 2020 بسبب أعمال تطوير في “المدافن التاريخية” بالقاهرة، حيث أُثيرت مخاوف حول تأثيرها على التراث العالمي. غير أن وزارته نفت أي مساس بالآثار، مؤكدة أن الإزالة طالت مقابر حديثة فقط. وبرغم الجدل، لم تطغَ تلك الواقعة على مسيرته المميزة، إذ يرى مراقبون أن خبرته في الموازنة بين التنمية وحماية التراث ستكون ميزة مهمة في قيادة اليونسكو خلال المرحلة المقبلة.

 

نظرة نحو المستقبل

 

يتولى خالد العناني قيادة المنظمة الدولية وسط آمال عربية وإفريقية كبيرة في أن يضخ روحًا جديدة في مؤسسة تواجه تحديات سياسية ومالية معقدة. وبين دعواته إلى “رؤية جديدة” و”نهج غير مسيّس”، ينتظر المجتمع الدولي أن يشهد عهد اليونسكو القادم مرحلة من الاستقرار والتجديد بقيادة أول مصري يتولى هذا المنصب الرفيع. ويرى مراقبون أن تجربته الممتدة بين العمل الأكاديمي والإدارة الحكومية تمنحه أدوات فريدة لإعادة تعريف دور المنظمة وتعزيز مكانتها كجسر للحوار الثقافي والإنساني بين شعوب العالم.

اقرأ أيضاً

الجمود الأمريكي يدخل أسبوعه الثاني وسط انقسام حاد في الكونغرس

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى