الجيش الأمريكي يسرّع وتيرة تحديث دبابة “أبرامز” بشكل غير مسبوق

في خطوة تهدف إلى تجاوز الإجراءات البيروقراطية التقليدية في عمليات التحديث العسكري، وجّه رئيس أركان الجيش الأمريكي، الجنرال راندي جورج، أوامر مباشرة بتسريع عملية تحديث دبابة “M1 Abrams” التي دخلت الخدمة قبل نحو أربعة عقود، حسب ما أفاد به كبير مسؤولي التكنولوجيا في الجيش، الدكتور أليكس ميلر، لموقع Defense News.
وقال ميلر: “لا نريد أن نُكرّر تجربة فيلم Pentagon Wars“، في إشارة إلى الفيلم الساخر الذي تناول إخفاقات تطوير مركبة القتال “برادلي” في السبعينيات. وأضاف: “الجيش اعتاد على اتباع مسارات مطولة في التحديث تستغرق سنوات طويلة لضمان خلو المشروع من المخاطر، لكن هذا النمط لم يعد يتماشى مع واقعنا الحالي”.
في سبتمبر 2023، قررت القيادة العسكرية إلغاء خطط التحديث الجزئي لـ”أبرامز” والانتقال إلى مشروع تحديث شامل. وبالفعل، منحت وزارة الدفاع في ربيع 2024 عقداً لشركة “جنرال دايناميكس لاند سيستمز” – المصنّع الأصلي للدبابة – للعمل على تصميم أولي للإصدار الجديد من الدبابة، تحت مسمى “M1E3”.
وتتضمن الرؤية الجديدة للدبابة خفض وزنها، وزيادة مستوى الحماية، وإدخال نظام تلقيم آلي للذخيرة. وعلى الرغم من بقاء التفاصيل التقنية قيد الكتمان، فإن الجيش يسعى لمزامنة دخول “M1E3” الخدمة مع مركبة المشاة القتالية الجديدة “M30″، المتوقع بدء تسليمها في أوائل الثلاثينيات.
وفقاً لميلر، عندما علم الجنرال جورج بأن عملية تطوير النموذج الأولي ستستغرق 65 شهراً، اعتبر هذا الرقم “مبالغاً فيه”، وأمر الفريق بتقصير المدة بشكل جذري. وبناءً على ذلك، تم منح البرنامج مرونة أكبر لتجاوز بعض السياسات الصارمة، وقبول المخاطر المحسوبة، مما أتاح تقليص الجدول الزمني إلى 24 – 30 شهراً فقط.
وأكد ميلر: “نستفيد من كافة الصلاحيات القانونية والأخلاقية المتاحة لدينا للانطلاق بأقصى سرعة. أرغب في رؤية الدبابة الجديدة قبل أن أتقاعد”.
وأشار إلى أن بعض مكونات “أبرامز” الحالية، مثل المدفع الأملس عيار 120 ملم، لا تزال فعالة، لكن هناك ضرورة لتحديث أنظمة الدفع وتوليد الطاقة، بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية خلال العقود الأربعة الماضية.
أما نظام التلقيم الآلي، فرغم صعوبته التقنية، يُعد من أولويات التحديث، وهو قيد الدراسة منذ أكثر من 10 سنوات. في المقابل، يمكن الاستفادة بسرعة من تقنيات متوفرة في الصناعات الثقيلة التجارية لتحديث أنظمة الطاقة والسير.
من بين الأهداف الأخرى: دمج أنظمة الحماية النشطة في الهيكل، بدلاً من تركيبها كإضافات خارجية – كما هو الحال حالياً مع نظام “Trophy” الإسرائيلي – الأمر الذي تسبب في تنازلات تشغيلية غير مرغوبة.
ويسعى الجيش أيضاً إلى تحسين بيئة التشغيل الداخلية وتسهيل التحكم في الدبابة، مع احتمال تصميم مقصورة القيادة بأسلوب مشابه لسيارات الفورمولا 1، حسب ميلر.
كما شدد على أهمية منح شركاء الصناعة مزيداً من الحرية لتقديم حلول متكاملة دون تدخل حكومي مفرط في التفاصيل الفنية، وهو ما يعزز الاستقرار في سلاسل التوريد ويُسرّع وتيرة الابتكار.
ويتوقع الجيش منح عقد جديد في مايو المقبل يتيح لـ”جنرال دايناميكس” اعتماد تقنيات جديدة بشكل أسرع، وفق نهج يُركّز على التعاون الوثيق بين المصممين والمستخدمين والمختبرين من المراحل الأولى.
يُذكر أن مخصصات مشروع “M1E3” مدرجة بالفعل ضمن الميزانية الحالية، مما يتيح الاستمرار في تنفيذه رغم القيود التمويلية الناتجة عن استمرار الحكومة في العمل بموجب قرار تمويل مؤقت.
ويرى ميلر أن هذا البرنامج قد يُمهّد الطريق لإصلاحات أوسع في سياسات التوريد العسكري: “إنه نموذج لتغيير الطريقة التي ننفذ بها المشاريع. وإذا نجح، فسوف نتمكن من تطبيق هذا النموذج على برامج أخرى”.
وتأتي هذه الخطوة في وقتٍ تسعى فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب لإصلاح منظومة التعاقدات الدفاعية، عقب توقيعه على أمر تنفيذي بهذا الخصوص مطلع الشهر الجاري، يتضمن مراجعة شاملة لجميع برامج التسلح الكبرى.