البيت الأبيض يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية ويستبعد “غابارد” من الإحاطة السرية حول إيران

في خضم معركة سياسية محتدمة حول مدى الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية جراء الضربات الجوية الأمريكية، يعتزم البيت الأبيض تقليص نطاق مشاركة المعلومات الاستخباراتية المصنفة مع الكونغرس، بعد تسريب تقييم مبدئي للإعلام يناقض رواية الرئيس دونالد ترامب بأن الغارات “دمرت بالكامل” البرنامج النووي الإيراني، بحسب مسؤول رفيع في الإدارة.
إحاطة سرية أمام مجلس الشيوخ وغياب تولسي غابارد
ومن المقرر أن يمثل أربعة من كبار مسؤولي الأمن القومي أمام مجلس الشيوخ في جلسة مغلقة يوم الخميس لتقديم إحاطة سرية، وهم: وزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين. ويُلاحظ غياب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي سبق أن شهدت في مارس الماضي بأن وكالات الاستخبارات الأمريكية لم ترصد دلائل على أن إيران تطور سلاحاً نووياً.
تبرير غياب غابارد والتقليل من خطورة التسريب
وقال المسؤول بالإدارة، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: “راتكليف سيمثل المجتمع الاستخباراتي في هذا الإيجاز. الإعلام يضخم الأمر بشكل مبالغ فيه”.
توتر متصاعد مع الكونغرس بسبب حجب المعلومات
القرار أثار ردود فعل غاضبة من الديمقراطيين، إذ طالب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر البيت الأبيض بـ”التراجع الفوري” عن قراره بحجب المعلومات، مؤكداً أن “للإدارة التزاماً قانونياً بإبلاغ الكونغرس بما يجري في الخارج”. وأضاف: “لا يحق للرئيس التهرب من المساءلة في قضايا الأمن القومي”.
خطة لتقييد مشاركة المعلومات المصنفة
وذكرت منصة “أكسيوس” لأول مرة أن الإدارة تخطط لتقييد مشاركة المعلومات المصنفة.
خلاف استخباراتي حول نتائج الضربات
ويعود الخلاف إلى تقرير أولي للاستخبارات الأمريكية – كشفته شبكة “سي إن إن” – يشير إلى أن الغارات الأمريكية أعاقت البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر لكنها لم تقضِ عليه نهائياً. لكن ترامب ومسؤوليه دافعوا بشدة عن الرواية الرسمية التي تقول إن الضربات، باستخدام قاذفات B-2 وصواريخ توماهوك، “دمرت تماماً” منشآت إيران النووية.
إعادة صياغة الرواية الرسمية لضمان التماسك الإعلامي
وفي محاولة للسيطرة على السرد الإعلامي، أصدر راتكليف بياناً الأربعاء قال فيه إن الضربات “ألحقت أضراراً جسيمة جداً” بالبرنامج الإيراني، في إشارة إلى مراجعة داخلية لموقف الإدارة، ومن المتوقع أن يعرض هذه الصيغة خلال الإحاطة المقررة.
تقديرات متباينة بين المسؤولين العسكريين
أما الجنرال كاين، فقد كان أكثر تحفظاً، مكتفياً بالإشارة إلى “أضرار بالغة وتدمير كبير”، مع التأكيد على أن التقييمات النهائية لا تزال قيد الإعداد.
تصريحات داعمة من الجمهوريين
وفي السياق ذاته، قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثيون، خلال مقابلة إذاعية، إنه “لا شك في أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لنكسة شديدة”.
حملة علاقات عامة بقيادة ترامب
وفي إطار جهود الإدارة لتسويق “نجاح المهمة”، أعلن ترامب أن وزير الدفاع هيغسيث سيعقد مؤتمراً صحفياً في البنتاغون صباح الخميس، برفقة “ممثلي الجيش”، للدفاع عن “كرامة الطيارين الأمريكيين الشجعان”. وقال على منصة “تروث سوشيال”: “هؤلاء الوطنيون كانوا غاضبين جداً!”، دون أن يقدم دليلاً.
تضخيم زمني للضربة الجوية يثير الانتقادات
وزعم الرئيس أن الطيارين قضوا “36 ساعة في أجواء العدو”، وهو ما اعتبره مراقبون تضخيماً للوقائع، إذ يشمل الزمن الكامل للرحلة عبر المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، وليس فقط فترة التحليق فوق إيران.
انتقادات بسبب تجاوز صلاحيات الكونغرس
في الوقت نفسه، واصل الديمقراطيون انتقادهم لإدارة ترامب بسبب تأخرها في إطلاع الكونغرس على الضربات، مشيرين إلى قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، الذي يُلزم الرئيس بإبلاغ الكونغرس خلال 48 ساعة من أي عمل عسكري وتقديم إحاطة سرية.
تأجيل الإحاطات لإعطاء مجال للمفاوضات والتنسيق
وكان من المفترض أن تعقد الإحاطات السرية لمجلسي الشيوخ والنواب يوم الثلاثاء، لكنها أُرجئت إلى الخميس والجمعة على التوالي، لإتاحة المجال لترامب للتفاوض على وقف إطلاق النار وتعديل جداول السفر، وفقاً لما أكده مسؤول في الإدارة.
تطورات معقدة في ظل انقسام داخلي
ويأتي هذا التطور وسط تعقيدات تتعلق بالاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، والانقسامات الداخلية حول تفسير نتائج الضربة، وحدود الصلاحيات التنفيذية للرئيس في ظل غياب توافق استخباراتي موحد.